الفساد على الطريقة العربية

  د.خالد محمد غازي

لاشك أنه لا يخلو مجتمع من الفساد، ولم يعد انتشاره قاصراً علي الدول النامية أو الدول العربية بل أصاب العديد من البلدان، وهو ما أكدته التقارير الدولية عن الفساد والشفافية، حيث أوضحت أن الفساد تسبب في خسائر بلغت أكثر من تريليون دولار في العالم ونحو 40 مليار دولار في الدول العربية .. لكن كما هو معلوم فإن أغلب الدول النامية تعاني من هذه الظاهرة، وتفشت في كل مفاصلها حتي صارت تضرب كل فرص الاستثمار والتنمية وتحقيق الأزدهار للشعوب..

 

ولعل من أبرز الأسباب التي أدت إلي انتشار الفساد خاصة الدول العربية هي أسباب اجتماعية تتعلق بطبيعة المنظومة القيمية وهي تتآزر وتتكاتف مع ظروف سياسية مشجعة ولا يخفي علي أحد الخلل الكبير والواضح الذي يكتنف الأنظمة السياسية العربية والحريات شبه المعدومة، وهو ما أشارت إليه التقارير الدولية عن الفساد والشفافية في الدول العربية قاطبة إلي أنها بالفعل وصلت للأذقان فالشعوب العربية التي تعاني تحت وطأة أنواعه موضحة أن الكود الأخلاقي الذي يمنع الفساد خاصة الاقتصادي تخطي منحني الانحطاط ولم يقتصر علي الحكومات أو الدول والهيئات المانحة بل تفشي بين الأفراد مؤكدين أن أشكال الفساد تعددت وأصبحت كالروتين القاتل بدءاً بالغش والرشوة وتزوير العلامات التجارية العالمية علي الأغذية والصناعات التجميلية والأدوية مروراً باستخدام أحدث أساليب العصر في احتيال إلكتروني منظم لايترك أثراً او إدانة وهو ما يطرح السؤال حول مدي قدرة القوانين والتشريعات العربية الحالية علي مواجهة الفساد الاقتصادي الذي يضرب قطاعات الاستثمار والإنتاج في العالم العربي وكيفية خلق بيئة صالحة بعيداً عن فساد الفاسدين وغش المزورين وكيفية تفادي الآثار السلبية لهذه الموجة للحفاظ علي حقيقة الدول العربية.

وإذا كان الخبراء يؤكدون أن الإحصائية الخاصة بالفساد في العالم العربي والتي تؤثر في الاقتصاد والاستثمار، والتجارة والصناعة هي إحصائية دولية وليست صادرة عن منظمة العمل العربية ولكنها عبارة عن تقرير للبنك الدولي يؤكد أن حجم الفساد المالي الذي يؤثر في الاقتصاد في العالم يصل إلي تريليون دولار سنوياً منها حوالي 30% إلي 40% بالوطن العربي فقط وهو ما يعني أن حجم أموال الفساد التي تنخر الاقتصاد العربي استناداً إلي هذا التقرير تتراوح من 300 إلي 400 مليار دولار سنوياً وهذا المبلغ الضخم بغض النظر عن الآثار السلبية الذي يسببها للاستثمارات وما ينعكس علي الصحة العامة إلا أنه يكفي لتوفير أكثر من  عشرين مليون فرصة عمل في العام الواحد وهو ما يعني أيضا أن تخصيص هذا المبلغ لمدة عام واحد فقط كفيل بالقضاء نهائياً علي ظاهرة البطالة وللتأكيد علي خطورة هذا الأمر يكفي أن نعلم أن الدول العربية في حاجة إلي توفير 5 مليون فرصة عمل جديدة سنويا للحفاظ علي معادلات البطالة الحالية حيث يساوي هذا العدد حجم الداخلين إلي سوق العمل سنوياً في الدول العربية ومما يزيد الأمر صعوبة أن نسبة الاقتصاد العربي استنادا إلي هذا التخزين يترواح من 300 إلي 400 مليار دولار سنوياً وهذا المبلغ الضخم بغض النظر عن الآثار السلبية التي تسببها الاستثمارات وما ينعكس علي حصة العامل إلا أنه يكفي لتوفير أكثر من 20 مليون فرصة عمل في العام الواحد وهو ما يعني ايضاً تخصيص هذا المبلغ لمدة عام واحد فقط كفيل بالقضاء علي ظاهرة البطالة وللتأكيد علي خطورة هذا الامر يكفي أن نعلم أن الدول العربية في حاجة إلي توفير 300 مليون فرصة عمل جديدة سنويا للحفاظ علي معدلات البطالة الحالية حيث يساوي هذا العدد حجم الداخلين إلي سوق العمل سنوياً في الدول العربية ومما يزيد الأمر صعوبة أن نسبة العجز في توفير هذه الفرص تصل إلي 50% أي أن هناك عجزاً سنوياً يبلغ مليوناً و 700 ألف فرصة عمل في عدد الوظائف المطلوب توفيرها وأن الفساد سبب رئيسي لهذا العجز.

إن أهم وأخطر أثر للفساد الاقتصادي هواستمرار هجرة الأموال العربية بعيداً عن الوطن وذلك لأن الفساد يتمثل في الرشوة والغش والاختلاس والبيروقراطية والروتين والابتزاز والعمولات وكلها من صور الفساد التي تؤدي في النهاية إلي هروب الاستثمارات سواء كانت عربية أو حتي الأجنية فهي بيئة فاسدة لا تسهم في أي نجاح اقتصادي علي الإطلاق وكلها سلبيات تحتاج إلي علاج جذري حتي يمكن إغراء المستثمرين وجذب الأموال العربية المهاجرة أولاً ثم جذب المستثمرين الأجانب فيما بعد وهناك نماذج ناجحة في العالم العربي تخلصت من كل صور الفساد وخلقت بيئة صالحة للاستثمار بكل ما تحمل الكلمة من معان وقضت علي الروتين فعلي سبيل المثال في دولة الإمارات العربية تنتهي إجراءات ترخيص أي مشروع استثماري في يوم واحد وهو ما أدي إلي تحولها إلي قبلة لجذب الاستثمارات من أنحاء العالم.

ومن صور الفساد الاقتصادي في الدول العربية علي سبيل عملية غش الصناعة ولها ثلاث صور مختلفة وهي أن يقوم شخص ما بإنشاء مصنع غير قانوني أو سري، حيث يقوم بتقليد الماركات العالمية أو باستيراد قطع غيار رديئة لتجمع من جديد وتصبح أجهزة تباع داخل الدولة تنافس الصناعة المحلية وهذا النوع من الفساد خطر جداً حيث تصاب المصانع الحقيقية بخسائر فادحة، والنوع الثالث هو الأقل خطورة حيث تضع منتجات مبتكرة يحتاج إليها المستهلك مثل “أفران البوتاجاز” مثلاً ولكنها بشكل بدائي وتعد هذه الأنواع من الانحرافات الصناعية في غاية الخطورة إذا ما دخلت في المحركات مثلاً أو الكابلات الكهربائية وغير ذلك من الأنواع التي تهدد حياة الأفراد مباشرة وينعكس مباشرة علي مناخ الاستثمار الصناعي، والقضاء علي كل صور الغش الصناعي ومحاصرة القائمين عليه وبالتالي تستطيع المصانع التي تعمل وفقاً للمقاييس العالمية للجودة الاستمرار والتوسع بجودة وسعر مناسبين والدخول إلي الأسواق العالمية وخلق بيئة مناسبة للاستثمار الصناعي وتجدر الإشارة إلي أن هناك من يري ضرورة حصر القائمين علي صور الفساد الصناعي بالغش والتقليد بضرورة العمل علي رعايتهم وتوفير الإمكانيات لتطويرهم ووضعهم تحت الرقابة الصناعية ومساعدتهم في الحصول علي قروض بشروط وفوائد ميسرة وإمدادهم بالتكنولوجيا الحديثة وتسويق منتجاتهم من الملابس والعطور العالمية للهروب بعيداً عن الدول العربية الفساد في مجال هذه الصناعة وصل إلي نسب تتجاوز 40% وكلها غش وتقليد وتهريب من حجم المنتجات العالمية الحقيقية المعروضة في الأسواق العربية وتجدر الإشارة إلي أن هذا ما أكده المهندس حمدي سليمان نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية ومستحضرات التجميل باتحاد الصناعات المصرية حيث يقول إن صور الفساد الصناعي في هذا القطاع تفوق كل تصور من حيث تقليد الخامات العالمية بأخري رخيصة وأكثرها غير صالحة للاستخدام الآدمي واستخدام العبوات الفارغة التي تجمع عادة من القمامة في الكثير من الدول العربية إلي تقليد شعارات الشركات الكبري الشهيرة في هذا المجال وهنا يكون الخطر مزدوجا سواء عن طريق الفساد الصناعي الذي يعوق أي مشروع استثماري حقيقي في مجال مستحضرات التجميل أو علي الصحة العامة وأشار إلي أن الفساد في مجال صناعة مستحضرات التجميل يرجع أساسا إلي أن هذه الصناعات من الصناعات الخفيفة التي تحتاج إلي خامات ومعدات بسيطة ومساحات محدودة وهذا الأمر يستلزم تكثيف الحملات علي المحال والأسواق وتطبيق القوانين بطريقة صارمة تمنع كل أشكال الفساد الصناعي في هذا المجال .

ومن أهم طرق الفساد الاقتصادي الذي يواجه الاستثمار والتجارة في العالم العربي جرائم أصبحت ترتكب مباشرة عن طريق الإنترنت وهو نوع من الجرائم التي ترتبط بمواصفات العصر فهي سريعة وتتعلق في الغالب بالمال عن طريق حالات من الاحتيال الإلكتروني وهذا النوع من الجرائم والفساد لم تتكيف معه الاستعدادات القانونية حتي الآن كما أنه يتطور بسرعة كبيرة جداً وبأشكال مختلفة من درجات التعقيد وظهور منحرفين أكثر حنكة وكفاءة وقدرة علي استخدام التكنولوجيا ومواجهة الرقابة وإتلاف الأدلة، ونستعين هنا بدراسة المستشار محمد الألفي وكيل النائب العام حول الفساد الإلكتروني في المجال الاقتصادي وسبل مواجهته حيث يقول إن إثبات أدلة الجرائم والفساد الإلكتروني في المجالات التجارية يعد الآن من أصعب الخطوات لمواجهة هذا النوع من الفساد حيث إن إتلاف الأدلة وارد بدرجة كبيرة الأمر الذي يجعل من الصعب مواجهة الانحرافات الإلكترونية وقد تنبهت الدول الكبري لهذه العناصر منذ سنوات لكن في العالم العربي ظل التعامل مع “الإنترنت” يخضع لأساليب وتشريعات قديمة لا تتناسب مع حجم الفساد الإلكتروني الذي يؤثر سلبا في الاقتصاد العربي وهو ما يدعو إلي ضرورة إجراء الانتربول لمواجهة الجرائم المنظمة عبر الإنترنت بشكل خاص.

ونخلص من هذا أن الفساد الاقتصادي في الدول العربية أصبح ظاهرة لكن له العديد من الأسباب منها أبعاد اجتماعية ونفسية واقتصادية فعلي المستوي الاجتماعي تراجع في الآونة الأخيرة دور المرأة أو الأم في التنشئة الاجتماعية وتراجعت معه عملية الرقابة والتربية وأثر هذا بالسلب في شخصية الأبناء أو الأجيال بصورة عامة فخرجوا ضعاف النفوس مزدوجي المعايير متدني القيم في ظل حاجة متزايدة للأموال بعيدا عن القيم في الوقت الذي تعاني فيه أغلب الدول العربية من أزمة اقتصادية حقيقية نتيجة للخلل في الهيكل الاقتصادي وما يترتب عليه من إحلال لقيم غير مشروعية لمواجهة هذه الأزمة وهكذا أصبح الفساد الاقتصادي يعرف بمسميات جديدة منها الشطارة والفهلوة وغيرهما واعتبر الموظف العمولة غير الشرعية أو الرشوة مجرد تحسين للدخل بل اكتسب الفساد موجة من المشروعية في الجهاز الإداري بحصول بعض القيادات علي ما لا يستحقون فأصبح الموظفون الصغار يقتدون بالكبار في السلوك غير السليم وخلق نوعاً من الفساد الشامل وهذا لن ينتهي إلا إذا كسرت الحكومات سيطرتها علي احتكار الأجهزة التي تقدم الخدمات وذلك من خلال المشاركة من القطاع العام والخاص، وأشارت إلي أن الفساد موجود في كل دول العالم لكن الفرق هو كيفية التعامل مع المفسدين لكيلا تتفشي الظاهرة في المجتمع ويصبح طاردا لكل أنواع التجارة والاستثمار لأن الفساد يزداد في ظل ظرفين هما احتكار السلطة والمشروعات والخدمات وانعدام الرقابة الصارمة التي تحاسب كل منحرف حتي لو كان من الكبار.

إن الحقائق قاسية تلك التي تقع في القطاع الصناعي علي سبيل المثال وخاصة كما أشرنا إلي صناعة التجميل والعطور العالمية حيث وصل الفساد في مجال هذه الصناعة إلي نسب تتجاوز 40% وكلها غش وتقليد وتهريب من حجم المنتجات العالمية الحقيقية المعروضة وتهريب من حجم المنتجات العالمية الحقيقية المعروضة في الأسواق العربية.. إن صور الفساد الصناعي في هذا القطاع تفوق كل تصور من حيث تقليد الخامات العالمية بأخري رخيصة وأكثرها غير صالحة للاستخدام الآدمي واستخدام العبوات الفارغة التي تجمع عادة من القمامة في الكثير من الدول العربية إلي تقليد شعارات الشركات الكبري الشهيرة في هذاالمجال يكون الخطر مزدوجا سواء عن طريق الفساد الصناعي الذي يعوق أي مشروع استثماري حقيقي في مجال مستحضرات التجميل أو علي الصحة العامة لأن الفساد في مجال صناعة مستحضرات التجميل يرجع أساساً إلي أن هذه التعديلات التشريعية تنص صراحة علي أن “الإنترنت” يعد وسيلة من وسائل  العلانية في قانون العقوبات والقوانين الخاصة يجب أن تتضمن العديد من الإجراءات التي يجب اتباعها للتفتيش علي الحواسب الآلية في حالة حدوث حالات فساد تجاري أو مالي عن طريق هذه الأجهزة وهناك ضرورة أيضاً لانضمام العالم العربي إلي الاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة جرائم الإنترنت وتعزيز التعاون والتنسيق بين المؤسسات الدولية المعنية بالمشكلة ذاتها وبخاصة الإنتربول لمواجهة الجرائم المنظمة عبر الإنترنت بشكل عام.