الفائزات بجائزة نوبل للآداب قصص حياة أدبيات نوبل اللاتي فزن بالجائزة الشهيرة في كتاب للكاتب المصري “خالد محمد غازي” والكتاب يحمل عنوان “نساء نوبل” الفائزات بالجائزة في الآداب. والذي يلقي الضوء من خلاله علي حياة الأديبات اللاتي فزن بهذه الجائزة بداية من سلمي لاجير لوف في “20 نوفمبر من العام 1859” والمولود في إقليم مارياكا في مقاطعة فارملاند التابعة للترويج، مرورًا بالكاتبة الإيطالية “غراتيسا داليدا، ونيلي ساخس الفائزة بالجائزة العالمية لعام “1966” انتهاء بالشاعرة فيسلافا شميدرتدا تلك التي عانت طويلاً متخذه من منهج الإغتراب الفلسفي طريقًا لها في الكتابة ..
ويأتي الكتاب في فترة زمنية يزداد فيه اهتمام العالم بالمرأة وصدور قرارات أممية بحق تمكين المرأة لبضع لبنة جديدة وسط تساؤلات عدة حول أسباب تجاهل “نوبل” للمرأة العربية الأفريقية الأصل، وكذلك الأسيوية مارًا بالشكوك التي تثار دائمًا حول نوايا وأهداف الجائزة إضافة إلي ربط المؤلف بين جائز نوبل بالأكاديمية السويدية التي تسبقها بحوالي مائة وعشرون عامًا تقريبًا تلك التي أنشأت لعام “1786” بأمر من ملك السويد وقتذاك جوستاف الثالث .
سلمي لاجير لوف في عام “1909” كانت صاحبة أول انضمام رسمي للنساء لجائزة نوبل للآداب، وهي أيضًا الفترة التي شهدت عطاء المؤلفة الصاعدة في قمتها حيث اعتبرت في ذلك الوقت أصغر من نال هذه الجائزة في السنوات الأولي وأبرز الوجوه الأدبية في السويد موطن الجائزة العالمية.. وحول الموطن والنشأة والتأثر النفسي الذي دائمًا ما يوقع حاميه للتمييز والإبداع يلقي الكاتب الضوء حول حياتها في إقليم مارياكا الواقع في مقاطعة فارملائد التابعة وقتذاك للنرويج والسويد حيث بدأت حياتها الأدبية بالتدريس في بلدة لاند سكرونا حتي وصلت إلي كتابها الذي عرفها به العالم وهو “ملحمة غوستا برلنغ” وذلك في عام “1891” التي قيل أنها أذنت بتحقيق النهضة الرومانسية في الأدب السويدي ومن كتبها الهامة ما ترجمت في حياتها بعنوان “ذكريات من طفولتي” ومذكرات سلمي لاجير لوف .
ويري الكاتب أن النجاح الذي حققته أول أديبة تحصل علي نوبل في الآداب لم يكن سوي عبأ ثقيل عليها وهو الأمر الذي جعلها تتريث في كثير من الأحيان لطرح مؤلفاتها التي لم تخرج عن كتابة النثر، ورغمًا عن أن سلمي لاجير لوف قد فازت بجائزة نوبل للآداب وهي في سن صغيره جعلها بعد ذلك بحوالي خمس سنوات إحدي عضوات لجان التحكيم في الجائزة العالمية إلا أن هذا لم يجعلها تتوقف عن أدائها العملي في الكتابة والنثر فظلت تكتب حتي آخر لحظات حياتها، فنشرت في العام “1914” روايتها “حوذي الموت” وبعدها بعامين روايتها “امبراطور البرتغال” ثم قررت بعد ذلك أن تعود إلي قريبتها ماريباكا لتشتري الطبعة التي باعها والدها قبل سنوات شهرتها.
ويضيف المؤلف في كتابه أن الأدبية “سلمي” اتجهت دينيًا مع مطلع القرن العشرين فنشرت روايتها الكبري والمكونة من جزئين “رحلة إلي مدينة القدس” والتي تري فيها المأوي الروحي التي تتناسب علي وصف المؤلف لأتجاهها الديني الذي نحت إليه، وهي الرواية التي يرجع البعض أنها كانت سببًا في فوزها بجائزة نوبل للآداب.
ومن سلمي لاجبرلوف ينطلق المؤلف إلي جراتسبيا ديليدا وهي المرأة الثانية في جائزة نوبل التي حصلت عليها لعام “1926” بعد ولادتها في جزيرة سردينبا لعام “1875” حيث كان لتربيتها الثرية أثرًا في اهتمامها المبكر بالحياة الأدبية الأمر الذي دفعها لأن تكتب أولي رواياتها الأدبية في سن السابعة عشرة بعنوان “زهرة سرينيا” المنشورة لعام “1903” تترجم فور ظهورها إلي بضع لغات أوروبية.
ويري المؤلف أن التاريخ كان سببًا واضحًا في انعكاسه علي ثقافتها الأدبية بحيث اهتمت هذه الأديبة مع مطلع القرن العشرين بالملامح الأسطورية مثلما ظهر في روايتها “إله الإحياء” المنشورة عام “1922” ، ويري المؤلف أن جرانتسيا حاولت أن تعكس في أدبها صورًا مختلفة من أشكال الهروب ، أيضًا حاولت “جراتسيا” أن تناقش مسألة وقوع الإنسان في الخطيئة عبر رواية توضح فيها أن هناك بطلاً يدعي أفكيس بحب ثلاث شقيقات هن روث، إشتير، ونوامي مرتكبًا في الوقت نفسه جريمة لا تدري إحداهن أبعادها لأنه قاتل أبيض من قبل، يود في الوقت نفسه أن أفكيس أن يحمي الأسرة، الأخت الرابعة التي تود الهجرة إلي أوروبا ولأنها أشبه بما يسمي بقطعة من الغوص تحت الريح فيقع في خطأ الاعتراف لهذه الأخت الرابعة فيبوح لها بجريمته لقتل والدها.
ويصف الكاتب أن جراتسيا يرا تلك الروائية الإيطالية كانت دائمًا حرة نظرًا لأنها لم تكمل تعليمها بشكل منتظم، لكن قوة دفع نوبل كانت الريح التي قذفتها للأمام عبر صدقها في الأداء الفني الراقي، والتعامل التام مع قضايا بلادها الأمر الذي جعل الأدب السرديني في متناول الجميع عبر أدباء جاؤوا بعدها!!.
المرأة الزنجية
ومن أوروبا إلي الجنوب الأمريكي كانت الفائزة الثالثة بجائزة الإبداع الأدبي في نوبل “توني موريسون” لعام “1993” التي قالت لصديقتها التي أبلغتها بحصولها علي الجائزة في السابعة صباحًا من يوم “10 تشرين أول” أعتقد أنك تهلوسين فلم يسبق لأي كاتب أمريكي زنجي أن نال هذا الشرف العظيم، وهو ما يراه الكاتب في الوقت نفسه فخرًا لكل الكاتبات الزنجيات اللاتي أصبحن فيما بعد ظاهرة أدبية إضافة إلي أنهن سحبن البساط من أقدام الأدباء اليهود الذين لعبت وسائل الإعلام اليهودية الصهيونية دورًا بارزًا في صنع شهرتهم لعام “1831” في شهر موريسون فبراير. كانون ثان ولد توني في ولاية أوهايو بجنوب الولايات المتحدة الأميريكية لأب بعمل بمهنه الحداد، وأم قوية الشخصية الأمر الذي أثر في كتاباتها التي وصلت إلي حد العمق والفخامة الأدبية الأمر الذي ساهم أيضًا في قيامها بإحياء الجزء الخفي من الذاكرة الأميريكية في بعض كتاباتها مثل روايتها “العيون الأشد زرقة” المنشورة لعام “1970” إضافة إلي باقي الروايات الخمس التي حاولت فيها “موريسون” أن تظهر المرأة الزنجية من خلال ثلاثة أجيال من النساء، الجيل الأول عاش زمن العبودية، الثاني حاول أن نسي هذه المعاناة، أما الجيل الثالث فهو الجيل الذي حاول صياغة هوية ثقافية واجتماعية خاصة مثل موسيقي الجاز، لأن الذي ظهر واضحًا في روايات هذه الأديبة التي كتبت حنينًا إلي الماضي، وهو ما جعلها أن “توني موريسون” تمثل تيارًا جديدًا ظهر في السنوات الأخيرة ومن الكاتبات الزنجيات المميزات.
هذا الوصف السابق هو أهم ما يميز نساء توني موريسون التي كتبت عنهن كثيرًا، رغم افتقادهن لعلاقات كاملة مع الطرف الأخر وهو ما ظهر واضحًا في روايتها الأولي “العين أشد زرقة” من خلال القزمة الزنجية بيكولا بريدلف عبر محاولاتها المضيئة كي تكون شقراء الشعر بأي ثمن نظرًا لانبهارها بالأطفال البيض، وأعينهم الملونة، كذلك في رواية “صولان” التي تصور فيها فتاة زنجية تدعي “حولا بيس” لفتاة متمردة وشقية تفتقد القدرة علي أن تكون محبوبة وعاشقة رغم مشاعرها الكثيرة…
ويري المؤلف أن الأدبية الزنجية حصلت علي جائزة نوبل وفقًا لرونق الشعر الموجود في رواياتها المطروحة للنشر، أضافة إلي أن الكاتبة نفسها تدري أنها تنتمي لأقلية زنجية تعبر عنهم ويدفعونها هي للأمام.
كن متعصبًا، ابتعد عن الرقص تفوز بجائزة نوبل أوصاف نيللي ساخس الأديبة الألمانية الحائزة علي الجائزة الشهيرة في العام “1966” والتي اشتهرت في أغلب مؤلفاتها بتأثيرها علي تطور الواقعية في الشعر الألماني عن طريق كتاباتها النقدية وها لونها الأدبي رغم اتهام النقاد لها بالغموض في الكتابة. رغمًا أيضًا من أنها تمتاز بموهبة سافرة وقدرة علي وصف الأحداث ودقائها بشكل مميز، وأختيار فطن للنقطة الموسيقية. وتستخدم المادة التي لا تنغب في كتاباتها إضافة إلي الثقافة اليهودية التي تأثرت بها نيللي ساخس في كتاباتها . ومن الاعتبارات السياسية لدي نيللي ساخس إلي نقيضها لدي نادين جور ديمر التي شكلت ظاهرة من الكتاب البيض الذين دافعوا عن كرامة الإنسان خاصة حقوق السود، و”نادين” حصلت علي جائزتها هذا العام “1991” باعتبارها مواطنة من جنوب أفريقيا تلك الدولة التي كانت تعيش حتي وقت قريب في ظل العبودية، والاضطهاد العنصري.
ويري المؤلف أن نادين جورديمر المولودة في العشرين من نوفمبر لعام “1922” في أحدي ضواحي مدينة جوهانسبرج تأثرت كثيرًا بحرمانها من دراستها، واللعب أيضًا ولذا اتجهت إلي الكتابة وكتبت قصتها الأولي في الخامسة عشر من عمرها ، ثم كرست بعد ذلك في ظل قصصها المأسي العنصرية ففي رواية “فرصة للحب” المنشورة لعام “1963” تحاول فيها نادين طرح فكرة الفوارق العنصرية الموجودة علي أرض جنوب أفريقيا في ظل تمحور كل أعمالها حول نمطية التفرقة العنصرية.
الأنسة العجوز
ميسلافا شيمبد رسكا الأنسة العجوز التي أعادت لأضواء إلي الشعر البولندي هي الفائزة رقم “93” في سباق نوبل كما يصفها المؤلف في كتابه قيد العرض والتي نشرت أول قصائدها لعام “1945” ثم توالت أعمالها بعد ذلك والتي وصفت بأنها ذات مستويات متعددة منها المستوي الفلسفي الذي يعبر عن الدراما في الحياة، وخيالات الوعي، ومحاولة فهم للإنسان أي ما يسمي البعد الميتافيزتي ، هذا وقد ولدت الشاعرة فيسلافا شيمبد رسكا عام “1923” في مدينة بنين غرب بولونيا.
الخروج من الباب الضيق كان الطريق أمام سيجرندانت الكاتبة الإيطالية التي حصلت علي جائزة نوبل بثلاثيتها التي حمل عنوانها الأول اسم “التاج” الذي يصف بلاء النرويج في بداية القرن الرابع عشر ذلك العصر المليء بالمتاعب من خلال فرض الكنيسة لسيطراتها علي البلاد..وأشتهرت “سيجرن” حسب قوي المؤلف من خلال أعمالها التاريخية التي تصور الحياة في النرويج في العصور الوسطي منها علي سبيل المثال رباعيتها “سيدهيكش” لعام “1925”.
أما المحطتين الأخيرتين في السماء الفائزات بجائزة نوبل للآداب فكانتا من نصيب بيرل تك أول كاتبة أمريكية تفوز بجائزة نوبل لعام “1838” وصاحبة الرواية الشهيرة الأرض الطيبة، وكذلك جابريل ميترال تلك الشاعرة التشيلية التي فتحت الأبواب للأدب اللاتيني بفوزها بجائزة للآداب في العام “1945” لقاء تأثرها بطاغور “فلسفة هندي برجوس النفعية”.
عام التحول
ويعتبر المؤلف أن عام “1909” هو عام التحول الذي يري فيه المؤلف أن فوز السويدية سلمي لاجيرلوف لوف بجائزة الأبداع الأدبي نوبل كان فاتحة خير لبنات جيلها للحصول علي هذه الجائزة إضافة إلي وجود قواسم مشتركة بين كل من فزن بهذه الجائزة منها الأزمة والمعاناه الحياتية الشخصية مع وحدة الجنس الأدبي الذي بعد قالبًا ملميا تشكل فيه الأديبة إبداعها الفني.. ومقابل هذه القواسم المشتركة بين المبدعات كانت هناك عوامل شك في مصداقية من حصلن عنهن علي هذه الجائزة منها ارتباط الجائزة ومنحها لها عن مجمل أعمالها خلال عشر سنوات وهو ما يعني أن هناك أديبات وأدباء لهم باع طويل في الكتابة ولا يمكن لهم الحصول علي هذه الجائزة، كذلك تعد لجنة التعليم أكثر الجوانب السلبية في الجائزة نظرًا وصية الفريد نوبل مؤسس الجائزة قد حدد مهمة الأكاديمية القائمة علي الجائزة وتتلخص في اختيار رجل أو أمرأة قدما للبشرية خدمات جليلة غير أن التجمع القائم علي الأكاديمية حاليًا حسب قول المؤلف لا يؤدي مهمته إلا عن مضض فمن بين الثمانية عشر عضوًا لا يوجد إلا عددًا قليلاً جدًا هي التي تقرأ الرواية والشعر ومن أكثر المفارقات التي يراها المؤلف أيضًا أن واحدًا ممن شغلوا موقع سكرتير الأكاديمية أصبح عضوًا فيها رغم أنه كان يعمل كموظف في قسم البرمجة في مجال الكمبيوتر..أيضًا التوزيع الجغرافي احاطًا كثيرًا من الشكوك بالجائزة حيث أشهر المبدعين في شمال الكرة الأرضية.
أيمن غازي
جريدة ” البلاد ” السعودية