انقذوا مصر من فساد التعليم

 

** إذا وصل الفساد الي المؤسسة التعليمية وتسريب الامتحانات ونسف مبدأ تكافؤ الفرص في التفوق الدراسي والتعليمي ··إذا فقد وصل الي ذروته وخطورته تكمن في أنها أزمة تصدر للمستقبل وتلقي عليه ظلالا سوداوية ومحبطة .. حدث في حقبة الستينيات ، وأثناء احتدام الحروب بين مصر وإسرائيل، أذاعت الأخيرة امتحانات الثانوية العامة عبر إذاعة صوت إسرائيل قبل الامتحان، كنوع من تحدي الإرادة المصرية في قدرتها علي فرض السرية، فضلاً عن ضرب العملية التعليمية برمتها، لكننا اليوم لسنا بحاجة لخدمات إسرائيل  الجليلة، ولسنا مضطرين لأعداء من خارج الحدود، فقد جاء الزمن الذي أصبح العدو منا وفينا يجعل الواقع أسود وينسف مستقبل أبنائنا  ··في مقابل ماذا ؟ رشوة أو فساد لموظفين وصلوا لمناصب رفيعة المستوي ·· دون أن يتحملوا أدني مسئولية ·· عن تدمير جيل بكامله ·· مقابل ماذا هذا الفساد ؟ مقابل رضا مسئول بأحد الأجهزة الرقابية التي تعد تقارير الترقي لهذا الموظف أو ذاك· إذا كان البلطجية تحكموا في صناديق اقتراع مجلس الشعب والمحليات ·· وإذا كان الفساد وصل إلي الطب ومستشفيات الحكومة والقطاع الخاص ·· ونشهده كل يوم في قطاعات عديدة ·· لكن أبشع ما نشهده اليوم من تسريب امتحانات الثانوية العامة ·· أي مستقبل إذن ينتظر هذا الجيل ؟ لقد بلغ الاطمئنان بالمتورطين إلي درجة بيع الأسئلة في مكتبات عامة علي قارعة الطريق في عدة محافظات ، لم يعد المسئولون حريصين  علي السرية أو الحذر، فتناثرت الامتحانات لتصل النسخة الواحدة إلي أقل من جنيه واحد فقط ··  وأثناء الامتحان فهناك لجان خاصة تعقد لأبناء المسئولين وأشباههم ، ثم يعقب الامتحانات تلاعب في عملية تصحيح الأوراق ورصد النتائج·

 

**  مئات من الشبان المصريين لقوا حتفهم في عرض البحر أو في الصحاري في رحلات الهجرة غير الشرعية خلال السنوات الماضية وألقي القبض علي ألوف غيرهم وحوكم البعض منهم وسجنوا في الدول التي هاجروا إليها أو أعيدوا إلي بلادهم مرحلين منها أو من الدول التي اختاروها كمحطات علي الطريق·  وأحد هذه الحوادث ماذكره أحد سكان قرية ميت حبيب في محافظة الغربية وتناقلته وكالات الأنباء دون تعليق من مسئول – أن مئات من شبان القرية انقطعت أخبارهم بعد سفرهم الشهر الماضي في طريقهم إلي دول أوروبية ضمن رحلات الهجرة غير الشرعية···وانه تم إحصاء 300 شاب انقطع اتصالهم بذويهم بعد سفرهم في فوجين من أفواج الهجرة غير الشرعية· وان كل مسافر ممن انقطعت أخبارهم دفع لوسيط هجرة غير شرعية يعيش في قرية قريبة عشرة آلاف جنيه وأن أسرته وقعت أوراقا تلزمها بدفع 17 ألف جنيه أخري بعد وصوله·  كما أن مصريين يعملون في ليبيا اتصلوا ببعض سكان القرية وأبلغوهم بأن 18 من ضحايا مركب غرق في السابع من (يونيو) أمام الساحل الليبي من أبناء القرية·  وقال مسئول في منظمة الهجرة الدولية في طرابلس بليبيا أن مركبا يقل 150 مهاجرا غرق في السابع من  (يونيو) أمام الساحل الليبي وأن السلطات الليبية انتشلت 23 جثة· وقالت مصادر أمنية مصرية أن 51 مصريا كانوا علي المركب نجا منهم اثنان· ورغم ملاحقة الجهات الأمنية لوسطاء الهجرة غير الشرعية إلا أنه يبقي لنا أن نسأل: ما الذي يدفع الشباب الي الاستمرار بالمغامرة بحياتهم من أجل الهجرة إلي بلد اخر ؟ هل نعتقد أن البطالة وحدها هي السبب ؟

د. خالد محمد غازي

جريدة ” صوت البلد”