قانون الانتخابات ..على مقاس الاخوان !

د. خالد غازي

في مسلسل الصدام والتخبط بين القرارات الرئاسية التي تخص الممارسة السياسية بشقها الدستوري وقرارات المحكمة الدستورية العليا يعود الصدام والجدل من جديد . فقد أقر مجلس الشوري قانون انتخابات مجلس النواب الجديد وبدوره أحيل القانون إلى المحكمة الدستورية العليا بحكم اختصاصها في الرقابة المسبقة على القوانين المكملة للدستور ؛ وقد أصدرت المحكمة قرارا بعدم دستورية‏11‏ مادة في قانوني الانتخابات البرلمانية ومباشرة الحقوق السياسية‏,‏ وإعادتهما إلى مجلس الشورى الذي يتولى تشريع القوانين مؤقتا لتصويبها‏.‏

وبشكل نهائي أقر مجلس الشورى بعض التعديلات التي أقرتها المحكمة الدستورية على مشروع القانونين, ومنها التعديلات الخاصة بإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية , إلا أنه أدخل تعديلا حول المادة الخاصة بالخدمة العسكرية ؛ والتي تقضي بالسماح بالترشح لمجلس النواب لمن تم استثناؤهم من شرط أداء الخدمة العسكرية دون حكم قضائي بات, وهو ما يتيح للمعتقلين السياسيين السابقين في عهد النظام السابق الترشح لعضوية مجلس النواب .. أيضا طالبت المحكمة الدستورية بحذف الاستثناء من الخدمة العسكرية من القانون.

ومن المنطقي أن يعاد مشروع أي قانون إلى المحكمة الدستورية العليا مرة أخرى للتأكد من إجراء التعديلات التي طلبتها المحكمة, وهل تمت في إطار دستور صحيح أم لا ؟ ولضمان صياغة دقيقة . لا لبس فيها ؛ ليخرج القانون دون عوار دستوري وإلا فإن المجلس المقبل يكون معرضا للبطلان نتيجة الطعن على عدم دستورية القانون .

لكن الملاحظ أن التعديلات التي أقرها مجلس الشورى في قانون الانتخابات البرلمانية وصدق عليها رئيس الجمهورية ، وتم دعوة الناخبين على إثرها للانتخابات لم تلتزم التراما حقيقيا ودقيقا لقرارات وحيثيات المحكمة الدستورية بحكم تخصصها في الرقابة السابقة على القوانين ، حيث يوجد كثير من العوار في المواد والنصوص التي تم تعديلها، مما يهدد بالبطلان الانتخابات البرلمانية القادمة وحل المجلس مرة أخرى ، من واقع أن قانون الانتخابات قابل للطعن عليه سواء من الناخبين أو المرشحين ذوي الصفة في حالة ما إذا تم إقراره دون العودة إلى المحكمة مرة أخرى لمراجعته .وذلك بتطبيق ممارسة الرقابة اللاحقة في حال طعن أي من المتضررين على القانون بعد فتح باب الترشيح.

وقد طالب فقهاء في القانون الدستوري وشخصيات حزبية بارزة ومنظمات حقوقية  مجلس الشورى بضرورة عرض قانون الانتخابات مجددًا على المحكمة الدستورية العليا لتبدي رأيها في مشروع القانون، تفاديًا لشبهة البطلان الدستورى .. الأمر الذي يقود البلاد إلى منعطف سياسي جديد .

وقد سجل بعض الخبراء والمراقبين عدة ملاحظات على قانون الانتخابات منها، قيام رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين للانتخابات، دون أن ينشر فى الجريدة الرسمية تعديلات القانون ..كما أن نص المادة (177) من الدستور يستوجب إعادة مشروع القانون مرة أخرى إلى المحكمة الدستورية لتقر المشروع بعد تعديله.. إضافة إلى أن قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين للاقتراع جاء مخالفًا لصحيح القانون والدستور، لأن المحكمة الدستورية لم تستنفذ ولايتها فى الرقابة السابقة على دستورية القانون ؛ بعد أن تمت إضافة نصوص جديدة إليه .. الأمر الذى كان يستوجب إعادة القانون للمحكمة، خاصة بعد زيادة أعداد المقاعد فى مجلس النواب ، وهو ما يحتاج إلى مراجعة دستورية للتأكد من عدالة التوزيع وموضوعيتها ، كما أن التعديل الذي أجري على الدوائر الانتخابية أدى إلى إعادة تقسيم الدوائر وبالتالي تفتيت كتلة أصواتها الانتخابية . ولم يراع التعديل بإعادة تقسيم الدوائر المعايير المنصوص عليها بالدستور ( المادة 113 ) ، من طريقة التقسيم للمراكز الإدارية التي لا تتلاءم مع الترابط السكاني بين أبناء المنطقة الواحدة.

إن قانون الانتخابات ليست مشاكله فى المطاعن الدستورية عليه فقط ؛ بل إنه يؤكد وجود توجه قوي من الاخوان المسلمين متمثلا في حزبهم” الحرية والعدالة” للسيطرة على مقاعد مجلس النواب بتقسيم الدوائر الانتخابية لتفتيت الأصوات وتشتيت المعارضة وعدم توحدهم ويكون من السهل سيطرة التيار الإسلامي على الأصوات ، وتجميع الدوائر ذات الثقل الإخوانى فى دائرة انتخابية واحدة .. كذلك تقسيم موعد الانتخابات إلى أربعة مراحل لفتح مجالات للتدخل فى أي مرحلة لحسم الانتخابات لصالحهم .

والسؤال .. من المسؤول عن حالة الجدل الدستوري وعدم احترام قرارات المحكمة الدستورية العليا ؟ وفي مصلحة من يصب هذا الجدل الذي يصل إلى حد المهاترات ؟