مثقفون وفنانون يتضامنون مع جريدة ” صوت البلد ” ويرفضون السطو

 

   نسمة سمير ؛ هند العسيري   

عبر عدد من مثقفي مصر وفنانيها، عن استيائهم من القناة الفضائية، التي أطلقها رجل الأعمال “محمد أبو العينين” – المحسوب على نظام الرئيس السابق حسني مبارك – والتي تحمل اسم “صوت البلد”، وهو الأمر الذي يمثل تعدياً على حقوق الملكية الفكرية لصحيفة “صوت البلد” الأسبوعية، التي تصدر عن مؤسسة “وكالة الصحافة العربية”، بترخيص من المجلس الأعلي للصحافة، وتحمل الاسم ذاته منذ قرابة الخمس سنوات؛ بما يمثل اعتداءً وسطوًا علي حقوق الغير، فضلًا عن الإضرار بمصالح المجتمع.

وطالبوا حكومة الإنقاذ الوطني – برئاسة د. كمال الجنزوري – بأن تعمل – من خلال مؤسساتها المتعددة – علي نشر وتثقيف الجمهور، بالتشريعات التي تنظم حقوق الملكية الفكرية، وماهية الأضرار الناجمة جراء الاعتداء عليها؛ وأن هذا الواجب لا يقف على تلك المؤسسات – المعنية أصلاً بتنظيم وحماية تلك الحقوق – فحسب، بل يتعدى الأمر إلى المؤسسات التعليمية، والجمعيات والنوادي الثقافية التي من الواجب عليها تثقيف الطبقات التي تتعامل معها.

وباستقراء آراء عدد من المثقفين والفنانين حول هذا الموضوع، قال الروائي فؤاد قنديل بأننا نعاني حالة من الالتباس في قضايا الملكية الفكرية؛ نظرًا إلي أن أسبابها أخلاقية وليست قانونية؛ فثقافة “حق المبدع” مع الأسف الشديد ليست موجودة في مجتمعنا؛ الأمر الذي يجعل البعض يسطو علي أعمالهم، أما الشق الثاني للأزمة الأخلاقية، فأغلب الحالات تكون ادعاءات بغرض إحداث “بلبلة” دون وجه حق، وأحياناً تكون تصفية حسابات قديمة، بينما من الناحية القانونية فلا أعتقد بوجود مشكلة؛ لأن الدولة سنت قانوناً لحماية الملكية الفكرية في العام 2000، ولاقي استحسان النخبة والعامة، وإذا كانت هناك مشكلات في تطبيقه، فذلك يرجع لغياب ثقافة حق “المبدع”.

وطالب بأهمية استمرار عمل جميع الأجهزة الحكومية – بالتعاون مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني – علي نشر العلم والإدراك بقوانين الملكية الفكرية، واحترامها، وإنفاذها لدى مختلف شرائح المجتمع، إضافة إلي تعديل قوانين الملكية الفكرية فيما يخص الغرامات والعقوبات؛ لتكون رادعة لكل مخالف ومعتد على حقوق الملكية الفكرية.

ويري الروائي إبراهيم عبدالمجيد، أن واحدًا من أهم الأسباب الرئيسية للأزمة، أن الإعلام بات “مهنة من لا مهنة له”؛ الأمر الذي أفرز الكثير من المدعين وطالبي الشهرة، وهو ما يخرج مؤسسات الدولة من التباسات قضايا الملكية الفكرية، باعتبار أن القانون واضح؛ فقد تم تدشين “المكتب الدائم لحماية حق المؤلف”، من خلال وزارة الثقافة، والكتب يضم في عضويته مندوبين عن وزارتي الخارجية والداخلية والنقابات الفنية والجمعيات والمؤسسات المهتمة بالإنتاج الذهني.

وطالب بضرورة تشديد العقوبات الخاصة بالغرامة والسجن، علي أن تكون في حدودها القصوى؛ لتكون رادعة وحافظة للحقوق، مع ضرورة تفعيل “قضاء التعويض”؛ لتعويض كل متضرر عن الاعتداءات على حقوقه الفكرية.

ويري رئيس المكتب الدائم لحماية حق المؤلف “د. نور فرحات”، أن المكتب مهمته استشارية، لكنه في الوقت ذاته يعد بمثابة بيت خبرة، يرشد الحكومة لحماية حقوق المؤلفين، كما يقدم المشورة فيما يتعلق بعلاقات مصر الدولية في مسائل الملكية الفكرية؛ وهناك جهة تنفيذية أخري تتبع وزارة الثقافة، هي إدارة حق المؤلف، وبيننا تنسيق باستمرار.

ودعا المبدعين المصريين إلي محاكاة دول أوروبا في إنشاء مؤسسات الإدارة الجماعية لحق المؤلف، وهي منظمات غير حكومية، وظيفتها محاربة القرصنة، إضافة إلي ضرورة حماية الملكية الفكرية، باعتبارها حماية لجميع عناصر الابتكار، وإصدار قانون شامل لحماية الملكية الفكرية، بما يسمح بوحد المبادئ الأساسية لهذه الحماية.

ودافع المستشار القانوني لاتحاد الناشرين المصريين “د. حسام لطفي”، عن قانون الملكية الفكرية، باعتباره مصنفًا بالقياسات الفقهية والقضائية في العالم، لكن المشكلة عندنا تكمن في تعامل الناس مع قضايا الملكية الفكرية وتنازل بعض أصحاب الحقوق عن حقوقهم؛ لذا فعلي جميع المنظمات المهنية أن تتعاون بحسم مع الجهات القضائية لردع من يفكر في السطو علي أي مصنف أيًا كان تصنيفه، ولابد من تضافر وتكامل كل من الدولة ومالكي الحقوق والمستهلكين؛ لمحاربة القفز علي “حقوق الملكية الفكرية”، حتي نحول دون وجودها في مجتمعاتنا.

 

أهل الفن

وكان لأهل الفن رأى خاص فى تلك القضية، حيث يقول المخرج “خالد يوسف”: لابد من وجود مشروع فى البلاد لحماية حقوق الملكية الفكرية، والاهتمام به؛ لأن هناك الكثير من المبدعين أهدرت حقوقهم بسبب إهمال تلك القضية، فليست صحيفة “صوت البلد” الأولى التى تتعرض لمثل هذا السطو، فلدينا أمثلة كثيرة على هذا السطو.

ويضيف: إن التغاضي عن هذا الأمر، سيؤدى بنا إلى حالة من الركود والخسارة، خاصة فى المجال الإعلامى؛ وبالتالي علي تأثيره مباشر لدى الناس؛ لذا فلابد من وجود قانون ومشروع يكون أكثر فاعلية، يكون هو الضمان؛ لكى نمنع هذا السطو على أفكار الغير.

ويؤكد خالد الصاوى، أن السرقة “مُجَرَّمة” بكل أشكالها، وسارقو الملكية الفكرية هم لصوص يجب معاقبتهم، على أن تكون العقوبة قاسية جدًا؛ لأنهم يسرقون الإبداع والفكر الإنساني. ويبدو أن القانون الحالى غير ملائم، وهو ما يتطلب من الدولة أن تهتم أكثر بتعريف حقوق الملكية الفكرية للمواطنين، أما بالنسبة للمجال الإعلامى فمثله مثل المجال الفنى؛ كلاهما وجهان لعملة واحدة، وعلى الحكومة الانتباه لهذا الأمر جيدا؛ لأنه يعطل المسيرات الفكرية والأدبية.

بينما تري تيسير فهمى، أن سرقة الملكية الفكرية قضية خطيرة جدًا؛ نظرًا إلي أن القوانين الموجودة حاليا ليست كافية، وعقوباتها ليست رادعة، علماً بأن الملكية الفكرية إذا لاقت الاهتمام الكافى – من خلال تعديل قوانينها – ستؤدى إلى تطور المجتمعات، خاصة فى المجال الإعلامى؛ لانه الصلة المباشرة والمؤثرة فى الشعوب بشكل عام.

وأشارت إلي قوانين حقوق الملكية الفكرية المعمول بها فى أوروبا وأمريكا، والتي وصفتها بـ”الصارمة”؛ لأنها الأساس فى أى عمل؛ سواء إعلاميًا أو غيره؛ لذا يجب أن يسن قانون فى مصر، يكون قادرًا على الحفاظ على الحقوق الإبداعية، ومنع السارقين الذى يسعون لنيل المجد دون بذل أدنى جهد واستغلال نجاح الآخرين.

وفي رأي خالد صالح، أنه على الدولة أن تهتم بتلك القضية، ومواصلة الدفاع عن مبدعيها، وإضافة بند فى قانون الملكية الفكرية وحقوقها بالسجن المشدد لهؤلاء اللصوص؛ فالسرقة فى المجال الإعلامى مشطلة خطيرة؛ لأنها تمنع الابتكار، وتعوق الريادة، وتحدث بلبلة للشعب؛ فعندما تتعلق العملية الإعلامية بمصالح وأهواء شخصية؛ فالبعض قد يستغل ذلك لصالحه، وعرض وجهة نظر مغايرة للواقع، وبث معلومات مغلوطة للمواطن، الذى يهتم الآن بالإعلام ليعرف ما الذى يحدث فى بلاده، وحينها قد تصل إليه رسالة مغلوطة تحيد به عن الحقيقة، خاصة أن الاعلام هو مرآة المجتمع، والمشكلة تكمن فى أنه مثلا إذا قامت إحدى القنوات بسرقة اسم لصحيفة ما، وقامت ببث مادة إعلامية تثير الفتن فى البلاد، فكيف سيكون الحال بالنسبة للصحيفة التى تحمل الاسم ذاته؟ وكيف سيكون موقف الجمهور منها؟