مدينة القدس .. سيرة مدينة

 

 

رمضان أبو إسماعيل   

“مدينة القدس” .. “الأرض المقدسة” .. “زهرة المدائن” .. “مدينة السلام والحرب” .. مسميات عديدة أطلقت علي تلك المدينة التاريخية التي تزخر بالمقدسات الإسلامية والمسيحية .. هذه المدينة التي تهفو إليها قلوب المسلمين، فهي المدينة التي صلي فيها النبي الخاتم محمد صلي الله عليه وسلم بالأنبياء في يوم إسرائه ومعراجه إلي السماء .. مدينة صلي  شطرها المسلمون في بداية عهدهم في الصلاة حيث القبلة الأولي المسجد الأقصي الذي بارك رب العزة حوله، فقد تحولت القبلة في صلاة المسلمين – بعد سبعة عشر شهراً من صلاة الرسول صلي الله عليه وسلم بالمسلمين – ليلة النصف من شهر شعبان, وحول هذه المدينة يأتي “القدس .. سيرة مدينة” .. لمؤلفه الكاتب الصحفي د. خالد محمد غازي . يأتي الكتاب في 346 صفحة من القطع المتوسطة يقسمه المؤلف إلي قسمين أولهما توصل لتاريخ المدينة، وثانيهما، يعرض للعديد من الشهادات والآراء الصادرة عن أصحابها حول المدينة، ففي مقدمة الكتاب يقول الكاتب خالد غازي – مؤلف الكتاب – : القدس مدينة ليست ككل المدن، فهي مدينة حملت علي كاهلها تاريخاً طويلاً، يضرب بجذوره عبر العصور إلي ما قبل الديانات السماوية، وزهرة المدائن .. مدينة السلاح والحرب .. مدينة الرسالات والأنبياء .. ولتعرف الأجيال كل الأجيال عربية كانت أو غير عربية، أن القدس بالنسبة لليهود ليست مجرد شعار .. بل هي حلم قديم ومرجع لابد منه، لأن الهوية اليهودية الإسرائيلية تحتل شقين أحدهما يتعلق بالكيان ذاته .. بينما يتعلق الشق الثاني بالقدس ، فبدون القدس ليس هناك كيان .. والقدس يتبعها الكيان تلقائياً طالما تحتل جوهر .. هكذا إسرائيل قد انطلقت من القدس بمجرد احتلالها عام 1967 لتعد هذه الانطلاقة .. وكأنها تجديد للنشأة الأولي باعتبار أن القدس في قاموس الطموحات اليهودية هي إسرائيل .. وإسرائيل هي القدس. تاريخ مدينة  ويؤكد خالد غازي في كتابه أن القدس يعود ميلادها كمدينة إلي أكثر من ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد .. شيدتها إحدي القبائل الكنعانية – العمورية – التي نزحت من الجزيرة العربية .. ومنذ نشأة المدينة تبدلت عليها القبائل والأجناس والحضارات واللغات وتبدلت عليها كذلك الأسماء، فمدينة القدس كانت تحمل اسم “أورشليم” وهذا الاسم عموريا بمعني مدينة السلام، وحرفه اليهود ليكون “يروشاليم” ولكنها وردت بدون ياء، واسم القدس ورد في بعض النقوش التي تعود إلي عهد الإسكندر الأكبر، وعرفت باسم “ريليا” في أوائل الفتح الإسلامي، وسميت كذلك في العهدة العمرية، وقال عنها الفرذوق: وتبيان بيت الله نحن ولاته.. وقصر بأعلي إيلياء مشرف ويوضح المؤلف في كتابه أن مدينة القدس تقع علي هضبة غير مستوية يتراوح ارتفاعها بين 2469-2130 قدما، وتبعد 32 ميلا عن الخليل “حبرون” جنوباً، و30 ميلا عن السامرة شمالا، وتحيط بالهضبة التي تقع عليها القدس أودية عميقة أهمها وادي “مدرون” الذي يعرف باسم الوادي الشرقي ووادي “سلوان” أو “هنم” في الغرب ويلتقي الوديان جنوبا كذلك يمتد من الشمال الغربي للهضبة إلي  جنوبها الشرقي وادي الجبانة ويمتد إلي وادي “سلوان” الذي يصل بدوره بوادي “مدرون” أما أهم جبال القدس فهي جبال الزيتون وبطن الهوا وصهيون وجبل بيت المقدس، وتعد أسوار القدس من أهم المعالم التاريخية التي تميز هذه المدينة، وأول من أحاط المدينة بسور، علي حسب مؤلف الكتاب خالد غازي، هم اليبوسيون العرب سكان القدس وقام داود وسليمان بترميمه بعد استيلائها علي المدينة وفي عهدهما كان يمتد هذا السور البيوي من الأحياء الغربية في البلدة القديمة حتي التلال الواقعة شرقي الحرم الشريف .. وبني الملك منسي السور الثاني أثناء الاحتلال الأشوري لفلسطين “644ق م” وفي عهد بطليموس الأول هدم جزءا منه “320 ق م” ودك أنطونيوس اينانوس جنبا منه وأتي بومبي الروماني علي ما تبقي فيه، أما السور الحالي فقد جدده السلطان العثماني سليمان واستغرق ذلك خمسة أعوام “1540-1536م” .