تحل اليوم الذكري الـ 133 لوفاة الأديبة والكاتبة الفلسطينية- اللبنانية ماري إلياس زيادة والشهيرة بـ ” مي زيادة”، التي عُرفت بـ “معشوقة الأدباء”، والتي أحبها جبران خليل جبران دون أن يلتقي بها مرة واحدة. ولدت مي زيادة في الناصرة أحد مدن فلسطين سنة 1886م، وهي ابنة وحيدة لأب لبناني وأم فلسطينية أرثوذكسية.
دراستها:
تلقت زيادة دراستها الأبتدائية في مدرسة الناصرة الابتدائية، وأتمت دراستها الثانوية في مدرسة عين طورة في لبنان، ثم انتقلت مع أسرتها للإقامة في القاهرة، ثم ألتحقت بكلية الآداب وأتقنت اللغة الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والألمانية، و عملت بتدريس اللغتين الفرنسية والإنجليزية.
وحرصت أيضًا في ذلك الوقت على إتقان اللغة العربية وإجادة التعبير بها، ثم تطلعت إلى دراسة الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة في جامعة القاهرة، وترجمت العديد من الأعمال الغربية الأدبية إلى اللغة العربية، شرعت حينذاك في تنظيم وعقد صالونات أدبية يوم الثلاثاء من كل إسبوع، ومن الأشخاص الذين ألتزموا بحضور هذا الصالون: أحمد لطفي السيد، ومصطفى صادق الرافعي، وعباس محمود العقاد، وطه حسين، وأنطون جميل، ومصطفى عبد الرازق.
حياتها العاطفية :
نشأت علاقة حب بين مي زيادة وبين جبران خليل جبران، وبدأت هذه العلاقة عبر المراسلات الأدبية الطريفة، والمساجلات الفكرية والروحية، فكانت مي كثيرة الإعجاب
بمقالات و أفكار جبران ، فبدأت بمراسلته بعد أن قرأت قصته (الأجنحة المتكسرة) فأرسلت له تُخبره عن مدى إعجابها بأسلوبه، وكتاباته، وكانت تشاركه بأفكاره وبآرائه، و لم يلتق جبران ومي في حياتهما أبداً، وعلى الرغم من المسافات البعيدة التي كانت بينهما ولكن كانت هناك علاقة حب وصداقة قوية بينهما، وظلت هذه العلاقة مستمرة بينهما لمدة عشرين عاماً إلى أن توفي جبران في نيو يورك ،ثم بعد ذلك توفي والدها عام 1929،ثم والدتها عام 1932،.
أثر الفراق على ذيادة :
عانت زيادة كثيرًا من الحزن الشديد على فقدان والديها، وبعد أن لحق بهما معشوقها جبران، قضت بعض الوقت في مستشفى الأمراض النفسية، فأرسلها أصحابها إلى لبنان حيث يسكن أقاربها فأساؤوا إليها وأدخلوها إلى “مستشفى الأمراض العقلية” مدة تسعة أشهر وحجروا عليها فثارت الصحف اللبنانية وبعض الكتاب والصحفيون على ذلك السلوك السيء لأقاربها، فنقلت إلى مستشفى خاص في بيروت ثم خرجت إلى بيت مستأجر حتى استعادت عافيتها وأقامت عند الأديب أمين الريحاني عدة أشهر ثم عادت إلى مصر.
وبعد عودتها إلى مصر حاولت زيادة أن تتخطي أحزانها بالكتابة، إلا أن ذلك لم يداوي حزنها الشديد، ثم سافرت الى إنجلترا أملاً فى تخفف قليلاً من آلامها ، لكن السفر لم يكن الدواء، فعادت إلى مصر ثم سافرت مرة ثانية إلى إيطاليا، وعادت مرة أخرى لمصر.
أشهر أعمالها :
كان أول كتاب وضعته زيادة يحمل عنوان “ايزيس كوبيا”وكان باللغة الفرنسية، ثم أعقبه العديد من المؤلفات، منهم :”باحثة البادية، وكلمات وإرشادات، ظلمات وأشعة، سوانح فتاة، بين المد والجزر، الصحائف والرسائل، وردة اليازجي، عائشة تيمور، الحب في العذاب، رجوع الموجة، ابتسامات ودموع، غاية الحياة، نعم ديوان الحب، موت كناري”.
بعض أقوالها :
وكان لزيادة العديد من الأقاويل، ومنها :” أنت لاتؤذين، لأنك لا تتكلمين، ليس الزواج مقبرة الحب، فكم من حب جاء ثمرة للزواج، إن دموع الطفل لأشد إيلاما من دموع الرجال، القلب الكبير الذي يحوي العالم يضيق بالقلب الصغير يوم يزعم هذا السيطرة عليه وتنظيم عمله”.
وفاة مي زيادة :
تُوفيت مي زيادة سنة 1941م، في مستشفى المعادي بالقاهرة عن عمر يناهز خمس وخمسون سنة، استطاعت خلالها أن تظهرالعديد من الأعمال الأدبية العظيمة، ولم يتواجد لتشيع جنازتها سوى أعداد قلية من الأصدقاء على الرغم من شهرتها الكبيرة وكثرة أصدقائها ، وهم أحمد لطفي السيد، وخليل مطران، وأنطون الجميل، مما تبين أن علاقة أصدقائها الآخرين بها كانت مبنية على النفاق، وذلك السبب الذي دفع الدكتور خالد غازي إلى أن يؤلف كتاباً عن حياة مي زيادة وهو: (مي زيادة: حياتها، وسيرتها، وأدبها، وأوراق لم تنشر) .
دينا المهدي
جريدة الوفد