هناك ما يشبه الإجماع على أن للإعلام سلطة قوية على الحياة اليوميَّة للمواطن والمجتمع، حيثُ يعمل على بناء تصورات المواطن للواقع اليومي؛ فيقدم له صورة للواقع المحلي، وللواقع العربي، وللواقع العالمي، عن طريق التصوير المفسِّر لمجريات الأحداث اليوميَّة لذلك الواقع، وعلاقة الأحداث ببعضها البعض، محمولة على أسبابها التي قد تكون صحيحة في شكلها أو مضمونها، أو تمَّ التلاعب الإعلامي بها خدمة لوجهة سياسيَّة أو فكريَّة معيَّنة.
ويطرح الكاتب الصحفي د.خالد محمد غازي في كتابه “الإعلام الناعم ..كيف يمكن تشكيل العقول؟ ” أسئلة متنوّعة حول فهم أحد أدوار الإعلام الجديد، فقد أحدثت مواقع شبكات التواصل الاجتماعي تطوّرًا كبيرًا، ليس فقط في تاريخ الإعلام، وإنما في حياة الأفراد على المستوى الشخصي والاجتماعي والسياسي، وجاءت لتشكِّل عالمـًا افتراضيًّا يفتح المجال على مصراعيه، للأفراد والتجمُّعات والتنظيمات بمختلف أنواعها، لإبداء آرائهم ومواقفهم في القضايا والموضوعات، التي تهمهم بحرية غير مسبوقــة، واستطاعت هذه المواقع أن تمد الأفراد بقنوات جديدة؛ للمشاركة في كافة الأنشطة المجتمعية، الأمر الذي يجعل من السياسة شأنًا عامًّا يمارسه معظم أفراد الشعب، دون أن يكون مقتصرًا على فئات دون أخرى، لأن هذه المواقع تشجع الأفراد غير الناشطين، أو الفاعلين سياسيًّا على المشاركة في الفعاليات السياسية، بحيث يمكن القول إنها يمكن أن تكون صوتًا سياسيًّا للمواطن العادي، وغير العادي.
وتكمن إيجابيَّات الإعلام الاجتماعي في سرعة الاتِّصال، والقيمة المعلوماتيَّة، وضمان وصولها، وتحقيق التفاعل معها، وليس كونه إعلامًا مرسلًا من جانب واحد، ممَّا خلق مساواة داخل المجتمع في الاتِّصال.
وإن أقلَّ ما يُقال عن الشبكات الاجتماعية – التي هي شكل من أشكال وأذرع الإعلام الجديد – إنها مثلت ثورة حقيقية غيرت حياة الناس، وكانت طفرة فارقة في حياة العديد منهم، حتى يخيل للمرء وهو يتصفح «تويتر» على سبيل المثال، أن العالم بملياراته يتحاور ويتحادث، كل مع فريقه الذي يشكله، وفي موضوعه الذي يختار. وما زالت تلعب دورًا هامًّا في نقل وقائع ما يجري هنا أو هناك. فهذه الوسائل تُمثل معينًا خبريًّا لوسائل الإعلام، خاصة عندما يتعلق الأمر بأنظمة ما زالت تمنع دخول وسائل الإعلام إلى أراضيها؛ لنقل وقائع ما يجري فيه.
جدير بالذكر أن كتاب “الإعلام الناعم ..كيف يمكن تشكيل العقول؟ ” صدر مؤخرا عن ( وكالة الصحافة العربية – القاهرة).