“كيف تقنع امرأة تحبها بأن فى قلبك حبا آخر لا يناقض حبها؟ وبخاصة إذا كان هذا الحب الآخر يحتم عليك مجابهة العدو – مجابهة القتل؟”، هكذا يقول الشاعر الكبير جبرن خليل جبران، عن الحب، الذى شغله فى حياته مرات ومرات.
وتمر اليوم ذكرى ميلاد الشاعر الراحل جبران خليل جبران، إذ ولد فى 6 يناير 1883، فى بلدة بشرى شمال لبنان.
وعرف عن “جبران” أنه الشاعر المتوهج بالحب، وصاحب أهم الرسائل الغرامية، المليئة بالهيام، يرسم عليها بالكلمات ما يخفيه القلب من خفقان، حيث كان للراحل العديد من القصص والحكايات الغرامية، بدائها منذ أن كان فى العقد الثانى من عمره.
وبحسب كتاب لـ االدكتور خالد محمد غازى “مى زيادة.. سيرة حياتها وآدابها وأوراق لم تنشر”، إن الحب فى حياة جبران الذى أقام فى أمريكا، كان لأكثر من امرأة، وكان له العديد من الغراميات، كانت أولها وهو فى سن الرابعة عشر، إذ كان يحب الرسم وكان هناك العديد من كبار الرسامين الأمريكيين يساندونه مثل الرسام الكبير “ماجر”، حيث تعرف على سيدة أمريكية متزوجة تردد عليها لرسمها وقامت بينهما علاقة محمومة وصلت للعلاقة الجنسية بحسب ما رجح باحثون، حسبما يقول الكاتب.
وبعد عودته لبيروت عام 1896، تعرف على ابنة صديق لوالده اسمها حلا الظاهر، وهى التى أطلق عليها فى كتابه “الأجنحة المتكسرة” اسم “سلمى” وعلى والدها فارس كرامة، وكانت حلا أو سلمى تكبره بعامين، حيث يقول جبران “كنت فى الثامنة عشر عندما فتح الحب عينى بأشعته السحرية، ولمس نفسى لأول مره بأصابعه النارية، وكانت “سلمى كرامة” التى أيقظت روحى بمحاسنها ومشت أمامى إلى جنة العواطف العلوية، حيث تمر الأيام كالأحلام وتنقضى الليالى كالأعراس، كانت جميلة النفس والجسد فكيف أصفها لمن لا يعرفها”، ولكنها تزوجت من رجل غنى أرغمها عليه والدها، وتوفت سلمى وهى تلد طفلها.
ويتابع الكاتب خالد محمد غازى، إن القصة التالية بدأت مع مدرسة فرنسية للرسم تقابلا فى عام 1904، أثناء إقامة معرض للوحاته ورسوماته، تدعى “ميشيلين”، وتوطدت العلاقة بينهما، وعندما سافر إلى باريس لدراسة الفن، تقابل معها مرة أخرى، ولازمها ونشأت علاقة حب بينهما ولكن جبران عاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتزوجت هى من رجل أمريكى.
وبعدها كانت علاقته مع “مارى هاسكل” التى تعرف عليها عن طريق ميشيلين، وكانت معجبة بجبران إعجابا كبيرا وأقامت له فى مدرستها معرضا للوحاته، وألقت مارى فى يومياتها المنشورة المزيد من الضوء على علاقتها بجبران، وكتب عنها جبران فى إحدى رسائله “فيك أجد كل ما أطلب من المرأة روحا تتخذ منها روحى، جناحا تحلق به، ونورا يشع على المجهول ويفتح به المنغلق ووسادة يتكئ إليها رأسى، أنت أعز شخص إلىَّ فى عالمنا، وأقرب إلىَّ اليوم من أى وقت مضى”، لكن الكاتب أشار إلى أن جبران كان حريصا على ألا تتعدى علاقتهما حدود الصداقة، رغم أنه استنفع من أموال مارى كثيرا، حتى أن البعض ظن أن جبران أحد أثرياء الشرق، وتزوجت مارى هاسكل فى عام 1926، وتبنى الكاتب وجهت نظر أن جبران لم يحب مارى، لكنه أحيانا كان يعترف لها بالجميل ويهدى لها كتبه، عدا كتاب واحد لم تعرف أنه كان يهديه إلى مى زيادة.
وتناول بعدها الكاتب الرسائل والخطابات بين مى زيادة وجبران، يقول الكاتب إن “زيادة” فى علاقتها كانت “مغلوبة على أمرها” وذلك بحسب تعبيره لأن “مى” كانت تذوب حنانا ولهفة أمام كلمات جبران، ورغم تأكيد الكاتب على عدم شكه بتلك الرسائل إلا أنه ظل يسأل السؤال الأهم، “هل من الممكن أن تنشأ علاقة حب بين طرفين (رجل وامرأة) ولم يلتقيا أبدا طوال حياتهما؟”.
محمد عبد الرحمن
جريدة ” اليوم السابع “