فخامة الرئيس… ماذا تريد من مصر؟

 

  د. خالد غازي   

هل فخامة الرئيس  مرسي حقًا لا يجد قواسم مشتركة ورئيسة بين نظام حكمه ونظام الرئيس السابق الذي ثار الشعب عليه وحاكمه.. أم أن فخامة الرئيس لا يفكر في الأمر!

لم يعد هناك مجال للشك في أن مصر دخلت نفقًا مظلمًا لا تبين نهاية له ولا يبين فيه بصيص ضوء؛ رغم كل محاولات الطمأنة من النظام الإخواني الحاكم والتي لا تعدو عن كونها كلامًا في كلام. والناس ملت الكلام الذي يمثل حالة انفصام عن الواقع المعاش.

لا يمر يوم أو ساعة دون أن تشهد أي بقعة في بقاع مصر إضرابًا أو احتجاجًا أو مظاهرة أو قطع طريق أو اقتحام منشأة حكومية أو خاصة. الاحتجاجات تتزايد والضحايا من المصابين والقتلى كل يوم يزيد عددهم. استنزاف يومي لكل موارد واستثمارات مصر؛ وتتمادى الدولة في اهترائها وتنصلها من المسئولية بأن تجعل الشرطة تتصدى لكل مظاهر الاحتجاج والتظاهر والفوضى والجريمة أيضًا؛ بدلًا من معالجة المشكلات بشكل موضوعي وحقيقي. ويصبح الجهاز الأمني الذي هو عصب أي سلطة في محنة متأزمة من توظيفه سياسيًا كأداة للقمع متحملا فشل النظام سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وهذا ليس دوره الحقيقي. وتتجذر الكراهية والحقد على رجل الأمن الذي وظفته السلطة عنوة لخدمة مصالحها.

لقد ظهرت بوادر لاحتجاجات وتمرد الشرطة في رغبة الكثير من أفرادها بعدم لعب الدور نفسه الذي لعبوه في عهد الرئيس السابق؛ من عنف وقسوة.. وظهر ذلك من خلال إغلاق أفراد الشرطة للكثير من أقسام الشرطة، مطالبين بتحسين وضعهم الوظيفي وعدم الزج بهم في مواجهة المتظاهرين وألا يكونوا عصا في يد السلطة توظفها كيفما تشاء.. وتكسرها متى أرادت.

هل فخامة الرئيس محمد مرسي لا يشعر بغيابه ورئيس حكومته ووزرائه عن جماهير مصر الكادحة التعبة التي أوصلتك من خلال صناديق الانتخابات والتي منحتك صك الشرعية في أن تعبر بهم نحو بر الأمان وحياة كريمة؟ أم أنه لا يشعر طالما حوله مقربون ومستشارون من صفوة عشيرته الذين يزينون له أن المعارضة مغرضة متآمرة وأن المظاهرات يحركها فلول النظام السابق والإعلام مأجور.. والدنيا بخير طالما الإخوان بخير يدافعون عن شرع الله!

إن فخامة الرئيس عندما يطل في وقت متأخر من حدوث كل أزمة؛ يخرج ليهدد معارضيه “بإبهامه” مؤكدا في كل مرة أنه فاض صبره.. وأن البلد بخير لولا المخربون والمغرضون الذين يعرفهم هو جيدًا!

إن فخامة الرئيس لا يدرك أن الخطر القادم لا يهدد مصر اقتصاديًا بحدوث ثورة للجياع بل يهدده شخصيًا ويجعل شعبيته وشرعيته تتآكل.. هل رئيس أي دولة يكيل الاتهامات للآخرين جزافًا.. هل الرئيس يتوعد وينذر ويعطي مواعيد على الهواء مباشرة.

هل حقًا المقالات التي تُكتب نقدًا لك ولسياستك تثير غضبك وغضب مكتب الإرشاد؟ لكن ألا يغضبك أن خيرة شباب مصر سواء من الإخوان أو المعارضين أو غيرهم يسقطون جرحى وقتلى؟ وماذا فعلت من أجل هؤلاء؟ في بلد يغيب فيه الأمن كل يوم وتتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بسرعة فائقة والقوى السياسية تتمزق وتتشرذم كل يوم عن اليوم الذي يسبقه. مؤسسات الدولة تنهار.. والانقسامات تطيح بوحدة الشعب.

هل فخامة الرئيس حقًا لا يجد قواسم مشتركة ورئيسة بين نظام حكمه ونظام الرئيس السابق الذي ثار الشعب عليه وحاكمه.. أم أن فخامة الرئيس لا يفكر في الأمر!

الرئيس لا يرى أن جماعته تحكم وتفكر كيف تهيمن على كل مفاصل الدولة ؟ ألم يقل فخامة الرئيس في خطابه الأول من ميدان التحرير ؛ الذي من المستحيل أن يذهب إليه الآن ؛: “سأكون رئيسًا لكل المصريين”.. والحقيقة أنك لم تكن رئيسًا إلا للإخوان.

فخامة الرئيس.. ماذا تريد من مصر؟ وماذا تريد لمصر؟