كتاب يتناول سيرتها التاريخية والدينية : القدس .. زهرة المدائن

 

محمـد مخــتار   

القدس زهرة المدائن المقدسة،التى اختارها الله، لتكون مهبطا لوحى رسالاته وتعمىد رسله وأنبىائه مبارك حولها بالصلوات والدعاء •• وكانت مبعث رسالات عىسى علىه السلام ، ومهبط أسراء النبي محمد ، وأولى القبلتىن فى صلاة المسلمىن •• إنها مدىنة السلام والإسلام ، فالدىن عند الله الإسلام وكان إبراهىم وأسحق وىعقوب وإسماعىل وعىسى بن مرىم ومحمد مسلمىن موحدىن – بالله الذى لا إله إلا هو الواحد القهار – ولذا كان الدفاع عن القدس والزود عن مقدساتها •• هو جهاد فى سبىل الله لاىدانىه جهاد، ولا ىحول دونه توازنات فى القوى أو أوضاع دولىة أو ظروف طارئة ومتغىره • وفى ظل الإسلام فقط ••عاشت القدس عصراً من السلام •• نعمت فىه جمىع المذاهب والملل بالحرىة فى التعبد والآمان على الأموال والأنفس ، والسنوات التى سىطر فىها الىهود أو الصلىبىىون على المدىنة كانت سنوات عنف ودمار وخراب •• وعندما سىطر الىهود على القدس فى العام 7691 ، عادت المذابح وأنهار الدماء والحرائق التى دبرها المتعصبون من الصهاىنة • وكتاب (القدس : سىرة مدىنة) لمؤلفه خالد محمد غازي قصة كفاح المدىنة مع التارىخ والطبىعة والبشر والجماعات •• قصة الصراع بىننا وبىن بنى إسرائىل عبر التارىخ ، قصة مدىنة حافلة بالبناء والتدبىر بالدعاء والحروب والصلوات ، قصة لصراع ممتد، ولاىمكن أن ىنتهى سوى تحرىر القدس وتخلىص مقدساتها ، مهما كانت الأثمان أو عظمت التضحىات • وتعد القدس نقطة انطلاق إسرائيل، فيقول أحد مؤسسى الكيان الصهيونى بن جوريون – أول رئيس وزراء لإسرائيل- أن القدس ليست مسألة ترتيبات ولكنها مسألة تتعلق بالجانب الديموغرافى لإسرائيل • يورد المؤلف نبذة وافية عن تاريخ المدينة العربية المحتلة فيقول : إن ميلاد المدينة يرجع إلى أكثر من 3000 عام قبل الميلاد، ويذكر علماء الآثار والتاريخ أن إحدى القبائل الكنعانية -العمورية التي نزحت من الجزيرة العربية شيدت المدينة، وأن أحد أسماء المدينة التاريخية “أورشليم” وهى تسمية ترجع للغة العمورية هى صيغة عربية لاسم “أوروسالم” الآرامى التي تعنى مدينة السلام، وتقع المدينة على هضبة غير مستوية يتراوح ارتفاعها من 2130-2469 قدماً، وتحيط بالهضبة التي تقع عليها القدس عدة أودية عميقة وعدة جبال منها جبل الزيتون وبطن الهوا وصهيون وجبل بيت المقدس• ويشير إلى أن علماء الآثار ذكروا أن أول من سكن القدس قبائل بدائية في العصر الحجرى القديم، كما بدأت الهجرات المنتظمة إلى المدينة منذ عام 4000 ق م بدأها الأموريون والكنعانيون، كما يشير إلى خروج العبرانيين من فلسطين لمصر والتي تشير إليها المصادر التاريخية من خلال رحلة سيدنا يعقوب والأسباط بناء على دعوة النبى يوسف الوزير في البلاط المصرى ، ليستقروا في أرض جاسان بمحافظة الشرقية ، ثم خروجهم من مصر في هجرة عكسية عبر البحر الأحمر بقيادة النبى موسى بعد أن بقوا في مصر 430 عاماً • ويورد المؤلف قصة غزو بنى إسرائيل لفلسطين تحت قيادة القائد اليهودى “يشوع بن نون” الذى أسر ملك اليبوسيين أدونى صادق مع 4 من الملوك المجاورين وأعدمهم إلا أن بن نون فشل في الاستلاء على المدينة بسبب مقاومة أهلها، وبعد وفاة يشوع استأنف الإسرائيليون الهجوم علي المدينة وحاصروها وقاموا بتدميرها إلا أنهم لم يستطيعوا الإستلاء على قلعة اليبوسيين، والتي عرفت فيما بعد باسم حصن صهيون • هيكل سليمان ويشير خالد غازى إلى أن تاريخ المدينة المقدسة في ظل مملكة داود وسليمان والذى رأى بناء معبد لإقامة الشعائر اليهودية بدلاً من خيمة الاجتماع التي اعتاد اليهود فكها وتركيبها كلما أرادوا الصلاة، وعرف باسم هيكل سليمان، ويفند مزاعم اليهود عن أن الحرم المقدس الشريف يقع مكان هيكل سليمان ، ويورد المؤلف علاقة الآشورين والفرس واليونان والرومان بالقدس حتى الفتح الإسلامى لها والغزو الصليبى لها ثم تحرير صلاح الدين الأيوبى لها• ويؤكد المؤلف أن أول محاولة يهودية للسيطرة عليها، حيث رفض محمد على والى مصر القوى السماح لليهود بشراء وتملك الأراضى الزراعية والعقارات، وعندما نشبت الحرب بين الدولة العثمانية وروسيا في عام 1877 صدر قانون في عام 1882 م يحرم هجرة اليهود إلى فلسطين وشرائهم الأراضى الزراعية والعقارات ثم صدر تعديل للقانون يسمح لليهود بدخول فلسطين للحج وإقامة طقوسهم الدينية على أن ألا يبقوا فيها أكثر من 3 أشهر، إلى أن يصل المؤلف إلى إانعقاد المؤتمر التأسيسى لمنظمة الصهيونية العالمية في بازل سنة 1897 م برئاسة تيودور هرتزل الذى رسم خريطة لإسرائيل وأعقب ذلك بعرض 5 ملايين جنيه على السلطان عبد الحميد الثانى مقابل السماح لليهود بمواطئ قدم في فلسطين، حيث كان رفض السلطان عبد الحميد للعرض سبباً مباشراً في تحالف المنظمة الصهيونية مع الدول الغربية لخلع السلطان عبد الحميد الثانى ونفيه إلى سلانيك تمهيداً لإسقاط الخلافة العثمانية • تهويد المدينة العربية وفي فصل كامل يتناول المؤلف الآثار الإسلامية والمسيحية بمدينة القدس مؤكداً علي أنه لايوجد بالمدينة العربية المحتلة من آثار اليهود سوى حائط المبكى وبعض الكنائس والقبور حديثي العهد يتعرض للمخططات الصهيونية لتقويض الهوية العربية والإسلامية للمدينة من خلال إعادة تخطيط المدينة وتدعيم المؤسسات اليهودية في القدس بتآمر من حكومة الانتداب البريطانى في فلسطين، والهجرات اليهودية إلى أراضى فلسطين والتي بدأت في المرحلة الأولى (1897-1917) في أعقاب عقد المؤتمر الصهيونى الأول في بازل والمرحلة الثانية (1918-1948) وهى مرحلة الانتداب البريطانى على فلسطين، حيث ارتفع عدد السكان اليهود في فلسطين من 56 ألف نسمة سنة 1918 مقابل 644 ألف عربى إلى 650 ألف يهودى عام 1948 مقابل مليون وأربعمائة ألف عربى، والمرحلة الثالثة للهجرة اليهودية إلى فلسطين والتي يحددها المؤلف في الفترة مابين (1948-1967) ، حيث ارتفع عدد سكان اليهود بفلسطين المحتلة إلى 2.400.000 ألف نسمة حتى عام 1967 وقبل حرب 5 يونيو وبعدها بدأت المرحلة الرابعة لتهويد مدينة القدس وفلسطين بأكملها وحيث عمدت سلطات الاحتلال الإسرائيلى إلى عدد من الإجراءات العسكرية والإرهابية التشريعية والإدارية في أعقاب صدور قانون ضم القدس إلى إسرائيل الذى صدر من الكنسيت الإسرائيلى بتاريخ 27 يونيو 1967، حيث بدأت عمليات الاستيطان المكثفة في المدينة العربية المحتلة على مرحلتين الأولى باشرتها السلطات الإسرائيلية فور الانتهاء من عمليات المصادرة والهدم داخل البلدة القديمة بإقامة أول حي سكنى لليهود على أنقاض أربع أحياء عربية هى حى الشرفة والباشورة والمغاربة وباب السلسلة، وصاحب هذه الممارسات إجراءات مكثفة لتهويد مدينة القدس على حساب العقارات الوقفية الإسلامية وتكثيف عمليات الحفر تحت المسجد الأقصى وترحيل العائلات العربية من المناطق المجاورة للحى اليهودى، والمرحلة الثانية من خطة التهويد للمدينة العربية المحتلة بدأت في عام 1968 بالشروع في إقامة حزام من الأحياء السكنية يحيط بالقدس من الناحيتين الشمالية والجنوبية لإقامة ماتدعه إسرائيل بـ “القدس الكبرى عاصمة إسرائيل” • ويشير المؤلف إلى القانون الشاذ الذى أقره الكنسيت الإسرائلى في يونيو 1973 ، والذى عرف باسم قانون أملاك (الغائبين الإسرائيلين – تعويض -1973) ويدعو هذا القانون الغريب عرب القدس المحتلة الغائب منهم والحاضر في المدينة المحتلة للتنازل عن أملاكهم مقابل تعويضات مالية، وحدد القانون الإجراءات التي بموجبها يتم النظر في الحصول على هذه التعويضات ، ومدة تسديدها التي تمتد من عام إلى خمس عشرة عاماً ، كان هذا القانون يهدف إلى حرمان الغائبين من عرب القدس الذين طردتهم سلطات الاحتلال بين عام 1948 إلى 1967 وعددهم يزيد على 100 ألف مواطن من العودة لأراضيهم، كما مارست سلطات الاحتلال صوراً من الإرهاب ضد كل الغائبين للتنازل عما يملكون أو لهم حق التصرف فيه بالوكالة في القسم المحتل في مدينة القدس بعد حرب 1948 ، كما لجأت السلطات الإسرائيلية أيضاً إلي إبعاد عدد كبير من القيادات الفلسطينية بالمدينة لإضعاف روح المقاومة عند الفلسطينيين، حيث تمارس سلطات الاحتلال الإسرائيلى بالمدينة مستندة إلى قانون للدفاع صدر أيام الإنتداب البريطانى على فلسطين • شهادات حول المدينة ويتضمن الكتاب ملحقاً موسعاً لعدد من الشهادات والأراء لعدد من كبار الشخصيات العربية والإسلامية حول عروبة مدينة القدس فشيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى يقول في شهادته : القدس مدينة عربية إسلامية لحماً ودماً ولايمكن لأى قوة أن تغير من وضعها التاريخى كأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومنتهى مسرى النبى صلى الله عليه وسلم وبداية معراجه، ويؤكد شيخ الأزهر أن تضامن العرب والمسلمين من أجل تحرير المدينة العربية المحتلة واستردادها فرض عين ولذلك وجب على المسلمين في كل بقاع الأرض أن يقدموا الدعم للشعب الفلسطينى للدفاع عن المدينة المقدسة ودعم المفاوض الفلسطينى لتقوية موقفه في عملية المفاوضات، مؤكداً على أن استعادة المدينة هى مسئولية المسلمين جميعاً• ويتضمن الكتاب شهادة البابا شنودة الثالث بابا الكرازة المرقسية حول مكانة القدس في قلب كل مسيحى نظراً لأن المسيح عليه السلام عاش فيها وبدأت فيها المسيحية بواسطة تلاميذ المسيح، وينفى البابا شنودة مزاعم اليهود حول اعتبار فلسطين المحتلة أرض الميعاد بعدما حولها اليهود إلى أرض تفيض دماً ورصاصاً• كما يطالب د• أحمد عمر هاشم في شهادته حول المدينة بتوحيد القوى العربية والإسلامية وكل القوى الإنسانية المحبة للسلام للوقوف بجانب العدل والحق وتحريك الرأى العام الدولى للوقوف بجانب الحق العربى في فلسطين والقدس المحتلة، ويدعو المسلمين إلى استذكار واجبهم وتحرير أوطانهم ورفع العدوان عنهم واسترداد مقدساتهم • القدس الموحدة ومن أهم الشهادات بالكتاب ماجاء على لسان د• يحيى الصباحى أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة ، والتي يذكر فيها أنه يمكن للقدس الموحدة أن تصبح عاصمة للدولتين الفلسطينية والإسرائيلية وتدار بهيئة مشتركة من الجانبين على أساس ميثاق جديد يحدد وضع المدينة مع الحفاظ الكامل والحماية الشاملة لجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية واليهودية بالمدينة • وينتقد د• الصباحى السيناريو الذى بدأه الكونجرس الأمريكى لنقل السفارة الإسرائيلية لمدينة القدس المحتلة والخلاف بين الكونجرس والرئيس الأمريكي حول هذه القضية • أما المحلل السياسى د• محمد سيد أحمد فيقول في شهادته : إن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات استرشد بنموذج “روما” والتي تعتبر من الناحية السياسية عاصمة لدولتى إيطاليا والفاتيكان لتكون نموذجاً لحل المدينة عاصمة للدولتين حل توفيقى لوضع مدينة القدس المحتلة ولتصبح المدينة عاصمة للدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، خاصة وأن القدس تحتوى على أبعاد روحية كما هو الحال في الفاتيكان ويشير د• محمد سيد أحمد إلى أن بروز السلطة الوطنية الفلسطينية كواقع جديد على الأرض في فلسطين المحتلة ومؤكداً على أن هذا الواقع الجديد قد أوجب تخطى إعلان لمبادئ بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى والقفز إلى القضية الأم للصراع حول فلسطين المحتلة لتحديد مصير مدينة القدس المحتلة • ويؤكد المفكر الفلسطينى د• أحمد صدقى الدجانى على أن هناك حاجة ماسة لدى العرب لقراءة صحيحة لتاريخ القدس حتى يحسنوا التعامل مع ملف هذه القضية ، وأن الشواهد الدينية في المدينة تؤكد على أن القدس قبلة روحية للمؤمنين وأن شعب فلسطين العربى يرحب دائماً بمن يزورهم للحج أو الزيارة ولكن هذا الشعب لا يقبل بأن يأتى أتباع أحد هذه الديانات غازياً حتي دعاوى تاريخية ودينية مزيفة وأن تاريخ المنطقة ومن بينها فلسطين المحتلة شهدت باستمرار اندحاراً لقوى الغزو والاستعمار التي قدمت إلى المدينة •