د. خالد محمد غازي
الحديث عن الانتخابات الرئاسية لم ينته، بل ازدهرت معه الأقاويل والأحاديث في الشارع المصري، وتخطته إلي الشارع العربي والدولي ، وتنوعت في أشكالها وألوانها وكأننا نتحدث عن ألوان الطيف، هذا بخلاف ما يدور عن الأحزاب السياسية المهمشة التي تلعب دور “الكومبارس” في منظومة الحكم .
(1)
سيظل الرئيس مبارك حاكماً لمصر حتي آخر يوم في حياته-لا يخالجني في ذلك أدني شك- فالرئيس نفسه قال ذلك، ووعد بأن يعمل إلي آخر نبضة قلب، وهذا أمر منطقي، فليس من الهين علي من بقي رئيساً لمدة 82 عاماً وبدأ العام التاسع والعشرين من حكمه في أكتوبر الماضي أن يتخلي طواعية عن هذا المنصب ، حتي لو كان لابنه ووريثه، وأن يمضي الرئيس ما تبقي له من الحياة بلا سلطاته الواسعة التي يتمتع بها ، ولم يكن يتمتع بها الملك فاروق. وأن يمضي بقية حياته في بيته مجرد مواطن لا يحمل من الصفات سوي وصفه بالرئيس السابق! علي سبيل المجاملة! خاصة أنه لم يحدث في التاريخ القديم أو الحديث أن تخلي حاكم عن الحكم بمحض إرادته إلا في حالات نادرة تكاد من ندرتها ينساها أشد الناس وأكثرهم اهتماماً بالتاريخ والشأن العام و لا أذكر- من ذلك – سوي حالة الرئيس الشاعر سنجور وعبد الرحمن سوار الذهب ونيلسون مانديلا، وهذا في تقديري أمر طبيعي فالرئيس – أي رئيس لأي دولة – هو إنسان والسلطة تولد وتخلق في النفس حالة من التمسك بها ، بل إن حالة إدمان السلطة أصعب ، خاصة إذا كان الشعب غير مسيس وكانت غالبيته أمية لا تقرأ ولا تكتب وكان المتعلمون منهم أميين سياسيا لا يقرأون إلا صفحة الوفيات في الجرائد . الأخطر في حالة إدمان السلطة يتأتي من البيئة المحيطة بالرئيس – أي رئيس في دولة من دول العالم الثالث ومنها مصر طبعا – حيث يسعي المنافقون والانتهازيون للتقرب من السلطان ويقذفون عليه المديح بمناسبة وبغير مناسبة، ليحصلوا علي منافع شخصية سواء بتولي وظائف لا يستحقونها أو منافع أو مكاسب مالية لهم ولأقربائهم حتي لو كان مالا سحتا حراماً . أقرب الأمثلة علي ذلك ما حدث عند تأسيس الرئيس أنور السادات في يوليو 8791 للحزب الوطني ، فبمجرد أن أعلن الرئيس السادات عن تشكيل الحزب انتقل علي الفور 572 عضواً من أعضاء مجلس الشعب آنذاك إلي الحزب، وكانوا جميعهم من حزب “مصر” ما عدا ثلاثة فقط من حزب الأحرار و8 من بين أعضاء حزب الوفد المنحل، ومن يومها وحتي الآن فإن بوابة مجلسي الشعب والشوري لا تسمح بدخول إلا من كان عضواً بالحزب الوطني، والنذر اليسير من ممثلي المعارضة وإذا كان 88 من جماعة الإخوان – في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة – قد استطاعوا الدخول ، فقد كان ذلك قبل تعديل الدستور وقبل إلغاء الإشراف القضائي، وكان ذلك في المرحلتين الأولي والثانية من الانتخابات ويومها اتصل شارون بالرئيس السابق جورج بوش منزعجا ومستغيثا، فلما جاءت المرحلة الثالثة جري تدارك الأمر ولم ينجح واحد من الإخوان في أي دائرة بل تأجلت الانتخابات في ست دوائر في خمس محافظات، ثم جري تلافي هذه الأخطاء بإلغاء الإشراف القضائي علي الانتخابات ضمن تعديل 43 مادة من مواد الدستور!! وما حدث في تشكيل الحزب الوطني عندما أسسه الرئيس السادات جري مثله في تشكيل لجنة السياسات التي يرأسها جمال مبارك، فقد تم اختيارهم بدقة بعد تحريات من مباحث أمن الدولة وغالبيتهم من رجال المال والأعمال وبعض الأكاديميين الذين عرف عنهم الابتعاد عن الشأن العام منذ صغرهم ، وهؤلاء هم الذين أصبحوا وزراء ومن كبار المسئولين، أما الوزراء الذين لم يكونوا أعضاء في لجنة السياسات فقد طلب منهم قبل إصدار مرسوم تعيينهم كتابة استمارة انضمام للحزب الوطني!
(2)
في تحليل سياسي بصحيفة ” يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أشارت سميدار بيري الإعلامية الإسرائيلية البارزة إلي حالة الجدل الشديد والمهم الذي يشغل أجهزة الاستخبارات حول العالم الآن حول ما سيحدث في مصر ، الدولة العربية الكبري ، بعد أن يخلي الرئيس حسني مبارك كرسيه ،فقبل عامين كان من المحظور إعلاميا ذكر “الجهود الهادئة” لإعداد جمال مبارك لارتداء حذاء والده الكبير لكن بشكل تدريجي بدأت وسائل الإعلام بتغطية كيفية تسلق جمال الحكم حسب خطة مرسومة ووسط احتضان مؤسسات الدولة له .
ولفتت إلي أنه فجأة ، وخلال إعداد نجل الرئيس لتولي منصبه تم إلقاء حجر في البحيرة مما خلق دوامة واسعة وتمثل هذا الحجر في أربعة اسماء يصرون علي اختبار حظهم في تولي الحكم بالقاهرة وهم كل من محمد البرادعي الرئيس السابق لوكالة للطاقة النووية وعمرو موسي أمين عام الجامعة العربية واحمد زويل الحاصل علي جائزة نوبل والمعارض أيمن نور. واقترح الكاتب البارز محمد حسنين هيكل تشكيل مجلس يضم ممثلي الجماهير ليقوم بتحديد المرشح الذي سيطرح للاستفتاء ، وهو الامر الذي أعقبه دخول د. مصطفي الفقي ـ رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان ـ والمقرب جدا من مبارك الأيام الماضية إلي دائرة الجدل حول هذا المجلس المقترح.. فالفقي أكد رفضه فكرة إقامة هذا المجلس الذي اقترحه هيكل وانه مادام ظل مبارك حياً وصحته جيدة جدا فإنه لا يعتزم إخلاء كرسيه كما أشار إلي أنه لا يوجد أي احتمال لمحمد البرادعي او عمرو موسي في الفوز بالمنصب خاصة ان البرادعي ترك مصر عشرين عاما وليست لديه أي علاقة مع المؤسسات، وعمرو موسي لن يجرؤ علي التحدي لنيل المنصب ، فالفقي ومن خلال تصريحاته الحادة والموضوعية تلك قام بـ”كنس” أحلام المتنافسين الآخرين للرئاسة .
د. فتحي سرور رئيس مجلس الشعب – الذي جلس علي منصة رئاسة مجلس الشعب لمدة عشرين عاماً أكد أنه “لا يوجد شيء اسمه تنازل عن الحكم في مصر، نحن لسنا في نظام ملكي، وهذا الكلام من قبيل الشائعات المغرضة التي يراد بها التأثير في الاستقرار”. وأشار سرور إلي احتمال أن يرشح الرئيس حسني مبارك نفسه للانتخابات الرئاسية المقررة عام 2011 ، مذكرا بأن مبارك قال في مجلس الشعب :”سأظل أخدم الوطن إلي آخر رمق في حياتي” .
ونبه إلي أن حالة القلق لدي المصريين حالة بدهية ، نظرا لأننا نمر بفترات تحول وانتظار، ونواجه مشكلات اقتصادية واجتماعية، وعلي أبواب انتخابات تشريعية سيتغير فيها المجلس، لذلك تبقي حالة الترقب ، بالإضافة إلي أننا علي أبواب انتخابات رئاسية، نافيا أن يكون القلق ناجما عن عدم وجود نائب للرئيس، قائلا: لا يوجد نائب منذ بداية تولي الرئيس و”خلاص تعودنا ” .
(3)
مؤخرا صدر تقرير مؤسسة “أوكسفورد أناليتيكا” عن مصر والشرق الأوسط في عام 2010، والذي أكد أن المسألة الرئيسية التي تحكم تفكير المصريين والعالم كله من ورائهم في هذا العام هي مسألة من سيخلف مبارك في الحكم؟ ..كما أن أكثر السيناريوهات سلاسة وأفضلها لانتقال السلطة – كما يراها التقرير – هي تلك التي تنتقل فيها السلطة من مبارك إلي من بعده وهو علي قيد الحياة، حتي يمنح الرئيس الحالي شرعية لعملية انتقال السلطة للرئيس الذي سيأتي من بعده لكن، يمكن القول دون خطأ كبير إن الرئيس مبارك سيرشح نفسه مرة أخري للرئاسة ما دام قادرا علي ممارسة مهام الحكم .
أما لو غاب الرئيس مبارك، لأي سبب من الأسباب عن الساحة السياسية.. فإن كل شيء سيسير من الناحية الدستورية في صالح جمال.. فتعديلات الدستور تدعم طريقه للرئاسة.. لكنها لا تضمن تحكمه في الساحة السياسية المصرية.. ولا سيطرته علي مقادير الأمور فيها لو أنه وصل إلي الحكم .. خاصة أيضا أنه لم يتضح بعد ما إذا كان جمال سيحظي بدعم المؤسسة العسكرية له أم لا ، فلم يعلن جمال مبارك بعد عما إذا كان ينوي أن يرشح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة أم لا.. لكنه سيكون غالبا هو مرشح الحزب الوطني لانتخابات الرئاسة القادمة ولكن فقط.. لو قرر والده ألا يترشح للرئاسة .. صحيح أن “جمال ” قد نجح في فرض سيطرته علي الحزب الوطني ، إلا أنه لم يفرض سيطرة مماثلة علي المعارضة ولا علي الأحزاب السياسية في مصر لذلك، فلابد أن يسعي ـ لو قرر أن يواصل السعي إلي الرئاسة ـ إلي احتضان واحتواء جزء من المعارضة، خاصة تلك التي ستصرخ بشراسة ضد أي عملية لتوريث السلطة .
والتقرير الذي أصدرته مؤسسة “أوكسفورد أناليتيكا” البريطانية “وهي مؤسسة محترمة برصانتها ودقة تحليلاتها .. التي تضم نخبة من خبراء في الشئون السياسية والاستراتيجية والاقتصادية في جامعة أوكسفورد البريطانية العريقة.. مهمتهم إصدار تقارير دورية وتضع تحليلاتها لكل من يهمه الأمر .. من سياسيين ومستثمرين ورؤساء حكومات . ويري التقرير أنه في الانتخابات الرئاسية عام 2010، قد يكون هناك منافسون لجمال مبارك علي منصب الرئيس .. لكن من الناحية الواقعية والفعلية فإن أحدا من هؤلاء المنافسين لا يمكن أن يشق طريقه للرئاسة، وإن لم يوضح التقرير البريطاني السبب : هل يكمن في التعديلات الدستورية الأخيرة التي تضع العديد من العراقيل أمام أي مرشح مستقل، أم أن هناك أسبابا تتعلق بالمرشحين أنفسهم.. تجعلهم لا يصمدون في أي منافسة ضد نجل الرئيس ؟
ويعتقد تقرير “أوكسفورد أناليتيكا” أن الوزير عمر سليمان هو الوحيد الذي يملك فرصة منافسة جمال مبارك لو ترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة .. فهو رجل يحظي باحترام الداخل والخارج..ويمسك بأهم ملفات الأمن القومي المصري منذ فترة .. كما أن ترشيحه للرئاسة ، سيهدئ من غضب كل المعارضين لفكرة توريث السلطة، أو وصول جمال مبارك إلي الحكم خلفا لأبيه .. لكن .. تظل المشكلة الرئيسية بالنسبة للوزير سليمان في حالة وصوله للرئاسة – كما يقول التقرير- أنه حاليا في السبعينات من عمره، وهو ما جعل خبراء بريطانيا يتوقعون أنه، في حالة وصوله للحكم، فسيلعب دور الرئيس الانتقالي.. أي الرئيس الذي يتولي الحكم في فترة انتقالية بين عصرين.. أو رئيسين لكنها فترة لا تستمر زمنيا لفترة طويلة..ويختلف تأثيرها في مجري الأحداث بمدي قوة من يتولاها .
ولم ينس التقرير البريطاني الإشارة إلي اقتراح الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، الذي طالب بإنشاء مجلس صيانة الدستور، المكون من عدد من كبار الشخصيات التي تحظي باحترام الشارع المصري، والتي طرح بعضها كأسماء مرشحة للرئاسة، للإشراف علي عملية انتقال سلمي للسلطة، وإن اكتفي التقرير بالإشارة إلي اقتراح الأستاذ هيكل، دون تحليل لمدي إمكانية تطبيقه، أو جديته، أو صلاحيته للواقع السياسي المصري .
(4)
إن الطريق إلي الانتخابات الرئاسية القادمة يبدأ من الانتخابات التشريعية والبرلمانية التي ستجري في2010 فانتخابات مجلس الشوري القادمة ستتم في أبريل 2010 أما انتخابات مجلس الشعب فستتم في أكتوبر من العام نفسه.. وكل منهما ستلعب دورا مهما في التمهيد للانتخابات الرئاسية بعدها.. ربما لذلك .
وقد لاحظ تقرير”أوكسفورد 0أناليتيكا” حجم التدخل الأمني السافر في هذه الانتخابات منذ عام 2005، وهو ما يتوقع التقرير أن يظهر غالبا في انتخابات مجلس الشوري.. لكن، كانت للتقرير ملاحظة مهمة حول تدخل الأمن في الانتخابات البرلمانية القادمة.. خاصة، لو تدخل لمنع الإخوان المسلمين من تحقيق مكاسب مماثلة لما حققوه في انتخابات الدورة السابقة لمجلس الشعب ، التي فازوا فيها بـ 88 مقعدا من مقاعد مجلس الشعب ليمثلوا غالبية المعارضة فيه.. يقول التقرير إنه لو تدخل الأمن بيده الثقيلة في انتخابات مجلس الشعب التي طالما سمحت الدولة بمشاركة إسلامية محدودة فيها منذ زمن.. فإنه من المتوقع أن تشهد البلاد عندها أزمة سياسية شديدة .. أزمة قد لا تظهر آثارها المباشرة علي السياسة.. لكنها ستجد لنفسها منافذ أخري في عشرات مناطق الضعف في المجتمع المصري .
ونبه التقرير إلي نقطة مهمة.. هي أن أعضاء الحزب الوطني مصرون علي ألا يكرر الإخوان نجاحهم الذي حققوه في انتخابات مجلس الشعب في الانتخابات الأخيرة التي جرت عام 2005 وعلي الجانب الآخر.. يدرك الإخوان حقيقة وضعهم جيدا.. لذلك فإن عددا من النواب الإسلاميين يؤمنون بأنهم لن يكونوا قادرين علي ترشيح أنفسهم مرة أخري في مجلس الشعب، أو علي أحسن تقدير، فإنهم سيواجهون قيودا أمنية عنيفة علي حملاتهم الانتخابية.. ربما لذلك، وحتي هذه اللحظة، لم تحسم قيادة الإخوان المسلمين أمرها.. ولا موقفها.. ولم تحدد بعدما إذا كانت تنوي مقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة، أم تحديد مشاركتها فيها، أم النزول بكل قوتها في مواجهة تتحدي فيها الحزب الوطني ، وغالبا ستتصرف حركة الإخوان بشكل حذر مع الانتخابات القادمة، فقد تركت موجة الاعتقالات الأمنية الكبيرة لأعضائها تأثيرا لا يمكن تجاهله عليها .
في الوقت نفسه، فإن الحزب الوطني لن يترك الساحة خالية للإخوان.. لن يكرر خطأ 2005 حين ترك مقاعد المعارضة في مجلس الشعب حائرة بين معارضة إسلامية يكرهها الحزب الوطني.. ومعارضة مدنية تقودها أحزاب تعاني الضعف والتآكل الداخلي.. لقد أدرك الحزب الوطني أن خير سياسة يمكن له أن يتبناها في الانتخابات البرلمانية القادمة هي أن يسعي في الانتخابات القادمة إلي إبرام اتفاقيات وصفقات مع أحزاب المعارضة المدنية، خاصة حزب الوفد، ليرفع نسبة تمثيل الوفد في البرلمان علي حساب الإخوان.. فنار أحزاب المعارضة، خاصة حزب الوفد، ولا جنة الإخوان .
هذا التحالف .. أو هذه الصفقات البرلمانية بين الحزب الوطني وحزب الوفد، ستحقق أكثر من مكسب له .. فهو سيسعي بذلك التحرك أساسا إلي إسكات الأصوات الغربية المعارضة التي تطالب بانتخابات حرة وعادلة في مصر .. وربما نجح بالفعل في ذلك..لكنه سيتجاهل الأزمة الحقيقية التي ستنشأ عن استبعاد الإخوان من معارضة مجلس الشعب .. فالإصرار علي رفض دخول الإخوان في الحياة السياسية سيدفعهم، وهم قوة لا يستهان بها في المجتمع، إلي تقوية شبكة أنشطتهم الاجتماعية.. أي أنهم سيزيدون من توغلهم داخل المجتمع من خلال أنشطتهم الصحية والتعليمية وغيرها مما يمس مصالح الناس ويحقق لهم شعبية واسعة بين الطبقات الكادحة في الشعب المصري.. وانتبه التقرير إلي نقطة حاسمة، هي أن أنشطة الإخوان المسلمين المجتمعية، كلها أنشطة تدعم الاتجاه المحافظ في الإسلام، وليس الشكل المعتدل له..كما أن النقطة الأخري، والأكثر خطورة التي يمكن أن تنشأ من استبعاد الإخوان من الحياة السياسية، هي لجوؤهم لبدائل اكثر تشددا لتنفيذ رؤيتهم لو تم منعهم من المشاركة الشرعية في صنع القرار.. وعلي أي حال، حدد التقرير أحد الاختبارات المبكرة لصلابة الإخوان المسلمين، ومدي قدرتهم علي التأثير في المرحلة القادمة .. هذا الاختبار تمثل في كيفية اختيارهم لمرشدهم الجديد مع بدايات عام 2010.
(5)
إن كل سيناريوهات انتقال السلطة.. وكل محاولات رسم تصور لما يمكن أن يحدث في الانتخابات الرئاسية المقبلة، هي تصورات في حالة وجود فراغ سياسي عند غياب الرئيس مبارك لأي سبب من الأسباب.. وإن كان التقرير يري في واحدة من أهم النتائج أو التنبؤات التي وصل إليها، أن الرئيس مبارك لا يزال يثبت أقدامه وبقوة في السلطة .. وأنه لا توجد أي مؤشرات علي عدم رغبته في الاستمرار في الحكم، ولا يظهر أي نية في التخلي عن الرئاسة حتي عام 2012 علي الأقل .
إذن ، الرئيس سيبقي رئيساً إلي آخر نبضة قلب، ولا يجب أبدا أن يخدعنا الحزب الوطني بقوله إن الوقت مازال مبكرا علي تسمية مرشحه للانتخابات الرئاسية في عام 2011 إنه -أي الحزب الوطني – يعلم ويعرف يقينا أن الحديث عن الانتخابات الرئاسية سوف يفتح الباب علي مصراعيه للحديث عن مستقبل الحكم .. وسيفتح الباب علي مصراعيه علي موضوع الديمقراطية والإصلاح السياسي وتعديل الدستور وهو لا يرغب في ذلك في المطلق .. فإذا أرغم علي ذلك فليكن في فترة قصيرة جدا قبل موعد الانتخابات الرئاسية، فترة من القصر بما لا يتيح الفرصة لحشد سياسي مؤثر يرغم الحزب الحاكم علي إجراء أي إصلاح سياسي أو تعديل للدستور يحد من صلاحيات الرئيس الواسعة ويعطي الشعب حقه – لو بعض حقه – في قيام نظام ديمقراطي ولو في أضيق الحدود . علي كل من يحرقه القلق علي مصر ألا يبتلع هذا المخدر وإلا يبقي يغط في نومه عامين كاملين.. إن مصر فعلاً في أزمة ولكنها أكبر من مجرد مسألة من سيخلف الرئ.