عبد القادر محمود
عن كتاب “القدس.. سيرة مدينة”، نظم المركز الثقافي المصري في العاصمة صنعاء محاضرة تحدث فيها الكاتب خالد محمد غازي ، مؤلف الكتاب ، موضحاً طبيعة المدينة الأسير ة والآسرة، ولماذا الحديث عنها الآن بعد كل الطروحات التي قيلت عنها، ومستعيداً تاريخها ، وأنظمة الحكم التي تتابعت ، وتباينت عليها، وكشف زيف الادعاءات الصهيونية حول مرجعية المدينة ، إن اليهود أعلنوها صريحة أن السلام يعني الكثير ، لكن القدس شيء أثمن من السلام ذاته ؟ فهل تصبح- كما يتساءل غازي أرخص عند العرب من السلام الإسرائيلي ؟ وقد أشرف على تنظيم المحاضرة ، وشارك فيها د• خالد الكومي سفير مصر باليمن، د• حمدي عبد الله مدير المركز الثقافي المصري بصنعاء ، كما شارك أيضا المستشار الفلسطيني عبد الرحيم جميل الحايك القائم بأعمال السفارة الفلسطينية باليمن •• ( وكالة الصحافة العربية) تابعت أحداث الندوة وإليكم التفاصيل• في البداية تحدث د• حمدي عبدالله مدير المركز الثقافي المصري بصنعاء ، موضحاً الأهمية العربية والإسلامية والتاريخية لمدينة القدس، لما تمثله من مفتاح سلام ليس للشرق الأوسط فحسب بل ربما للعالم أجمع ، لأن القدس لا تهم العرب وحدهم ، بل تهتم جميع مسلمي العالم ومسيحييه، وفي هذا الصدد أشاد بالمجهود الكبير الذي بذله مؤلف “القدس سيرة مدينة” ، وأوضح أهمية الكتاب كمرجعية شاملة لكل من يريد معرفة تاريخ المدينة والمؤامرات التي حيكت لتهويدها • الوجدان العربي وبعد عبارات ترحيب بالمحاضر ، وثناء على كتابه تحدث د• خـالد الـكومي السفير المصري باليمن عن القدس، وما تمثله في وجدان كل عربي ومسلم، وأنها ليست مجرد مدينة محتلة، فكم من المدن والبلاد العربية كانت محتلة، ورغم ذلك لم تشكل هزة في وجدان الكيان العربي والإسلامي ، مثلما فعلت مدينة القدس، وأكد في الوقت ذاته أن القدس ليست قضية العرب وحدهم ،فهي وإن كانت قضية العرب الأولى ، فإنه يشاركهم الهم والألم جميع مسلمي العالم•• ليس هذا فحسب ، بل ومسيحييه أيضاً ، لأنها مدينة مهد المسيح عليه السلام• وأشار السفير المصري إلى الممارسات الصهيونية المتعنتة التي تجهض أية محاولة للسلام ، وأن اليهود أثبتوا عبر تاريخهم ، وعبر حكوماتهم المعاصرة على عدم الوفاء بأية عهود تصب في صالح السلام•• اللهم إلا السلام على الطريقة الصهيونية!! وأكد “د• الكومي” أن مصر سحبت سفيرها من إسرائيل بعد أن وصلت ممارسات الحكومة الإسرائيلية إلى حد لايمكن السكوت عليه ، الأمر الذي أحدث صدمة في الأوساط الإسرائيلية ، والغربية ، ورفضت مصر أية محاولات لإعادة سفيرها إلا بعد أن تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات فعلية تدفع تحرك الجمود الذي يعتري عملية السلام ومسرى الرسول> وقبلته الأولى • وأضاف الكومي: إنه وإن كانت القدس أرضاً فلسطينية ، ولأهلها حق تقرير مصيرها ، فإن قدسية المدينة جعلت العالم الإسلامي والعربي كله معنياً بمصيرها ، ولعلنا نذكر أن البعد الإسلامي للقضية الفلسطينية لم يتضح إلا بعد إستيلاء إسرائيل على القدس الشرقية عام 1967 مما أدى إلى توحيد صفوف الأمة العربية والإسلامية من أجل القدس•• ومن أجلها قامت منظمة المؤتمر الإسلامي التي اتخذت من مدينة جدة مقراً مؤقتا بديلاً عن القدس حتى تتحرر ، ولذلك لايجوز أن نترك الفلسطينيين وحدهم في التفاوض أو الدفاع عن القدس •• إلا بقدر ما تمثله المدينة من تراب ووطن محتل ، بل إن العالم العربي والإسلامي كله مطالب بالإشتراك بطريقة عملية بوصفه طرفاً ذا صلحة محققة في قضية القدس • وأشار إلى أن مصر حينما كانت تتفاوض مع إسرائيل في كامب ديفيد عام 1978 ، وواشنطن بتقرير مصيرها ، فأصرت على التحفظ بأن أية تسوية للقضية لايجب أن تمس مركز القدس المعتبر في إطار شرعية خاصة تتجاوز كونها أرضاً محتلة تلحق بالضرورة بوضع بقية الأراضي الفلسطينية •• ولن تحل قضية القدس إلا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل منها ، وحل المستوطنات اليهودية فيها، وإلا لن يهنأ أي مواطن بالأمن والسلام •• لاإسرائيلي•• ولافلسطيني• سيرة مدينة و تحدث الكاتب الصحفي خالد محمد غازي مؤلف كتاب “القدس سيرة مدينة” والذي إبتدأ محاضرته بإيضاح إشكاليتين يواجهان الكاتب عند تناوله لأي موضوع •• وهما قلة وشح المعلومات في الموضوع الذي يتناوله، أو كثرتها •• وهذه هي الإشكالية التي واجهها عند كتابته عن القدس•• إذ ماكتب حولها كمدينة وتاريخ آلاف الكتب والمقالات التي لاتحصى•• وأطرق لحظة قبل أن يواصل: وكنت أطرح السؤال على نفسي دائما ماذا تريد أن تقول عن القدس بعد كل ما قيل؟ نعم •• القدس قد تكون بالنسبة لنا مدينة عربية محتلة •• أو أغنية حزينة أو قصيدة شعر إلا أنها بالنسبة لليهود ليست كذلك أبداً ، ليست مجرد شعار ، بل حلم قديم ، ومرجع لابد منه، لأن الهوية اليهودية الإسرائيلية تحتل شقين أحدهما يتعلق بالكيان ذاته ، بينما الشق الثاني يتعلق بالقدس (المدينة والرمز الديني والتاريخي ) والقدس يتبعها الكيان تلقائيا مادامت تمثل جوهره•• هكذا إسرائيل قد انطلقت من القدس بمجرد احتلالها عام1967 لتعد هذه الانطلاقة ، وكأنها تجديد للنشأة الأولى ، باعتبار أن القدس في قاموس الطموحات اليهودية هي إسرائيل، وإسرائيل هي القدس ومن أجل إيضاح جوانب عديدة لعمليات التزوير والتعتيم وإبراز الحقيقة التاريخية كان لابد لنا أن نقلب أوراق التاريخ ، رغبة في كشف الحقائق ووضعها في موضعها الذي يجب أن تكون عليه في ظل تضحيات فلسطينية عربية تبذل ، ودماء تراق وسلام يشبه السراب، ولعلنا نلمس ذلك من مقولة الحاخام الإسرائيلي “جوناثان بلاس” : إن السلام يعني الكثير ، لكن القدس شيء أثمن من السلام؟ فهل تصبح القدس بالنسبة للعرب أرخص من السلام الإسرائيلي ؟ ويقول غازي: بعيداً عن المؤامرات ونظرياتها•• وبعيداً عن المزايدات وأبواق الدعاية لندع الحقائق تجيب : من هو صاحب الأرض؟ ومن هو صاحب الحق في السيادة عليها ؟ وإذا كذب اليهود الحقائق ، ورضي العرب بما هو كائن •• علينا إذن أن نتساءل : لماذا يقبل العرب بعد أكثر من 1400 عام من عروبة القدس، تهويد المدينة ، راضين بالصلاة تحت الحراب الإسرائيلية في الأقصى الأسير، وتحت حصار الكنائس ، ويشترون بما يتوهمونه سلاماً مصيراً مشكوكا فيه ومستقبلا يكتنفه الغموض• غير أن التساؤل الذي يفرض نفسه هنا – أيضا- هو: هل يمكن لإسرائيل أن تتنازل عن القدس ، في ظل ما يعانيه العرب•• وما تتمتع به إسرائيل اليوم؟! لعل بن جوريون – أول رئيس وزراء لإسرائيل- أجاب عن هذا التساؤل حين قال: مسألة القدس ليست مسألة ترتيبات في أساسها، ولاحتى مسألة قدرة عسكرية ، رغم أننا لانستطيع حل كل مشاكل القدس بالقوة العسكرية وحدها ، لكنها المرحلة الأولى لاحتلال القدس تتبعها بعد ذلك عدة مراحل ، تتعلق بالجانب الاقتصادي والاجتماعي والديمقراطي أيضا• القضية الحقيقية وحول هدفه من الكتاب أضاف: إن ما أردت أن أقوله في كتابي ” القدس•• سيرة مدينة” هو الحقيقة ، لاأقل•• وطرحت آراء وشهادات وتساؤلات وتصورات حول القدس لنخبة من المفكرين والسياسيين من مختلف الانتماءات والتيارات والأجيال •• رأيت من واجبي جمع شهاداتهم لقضية ساخنة متفجرة والقضية الحقيقية للصراع العربي الإسرائيلي في الشرق الأوسط• وألقي ” غازي” الضوء على تاريخ المدينة فيقول: يعود ميلاد القدس كمدينة إلى أكثر من3000 عام ق •م، ويذكر علماء الآثار أنه قد شيدتها إحدى القبائل الكنعانية- التي نزحت من الجزيرة العربية •• ومنذ نشأتها تبدلت عليها القبائل والأجناس والحضارات واللغات ، وتبدلت عليها كذلك الأسماء ، فيذكر أنها كانت تحمل اسم “أورشليم” وذكرت في الكتاب المقدس باسم “أورسالم” ومن أسمائها أيضا “بيت المقدس” ، “الأرض المقدسة” ، و”القرية” ، وتقع مدينة القدس على هضبة غير مستوية ، وتحيط بالهضبة أودية عميقة منها وادي قدرون ، ووادي سلوان، أما أهم جبال القدس فهو جبل الزيتون •• والذي يسميه العرب جبل الطور ، وتقع أسفل الحرم في مواجهة الجبل من الجهة الشرقية، ويعد جبل بطن الهوا امتداداً لجبل الزيتون من الجنوب الشرقي للقدس ، أما جبل صهيون ، فيقع في الزاوية الجنوبية الغربية للقدس ، وكانت توجد عليه القلعة المسماة مدينة داود، وبالنسبة لجبل بيت المقدس فهو قريب جداً من المسجد الأقصى وأطلق عليه جبل الحرم، أما أسوار القدس القديمة، فإن أول من أحاط المدينة بسور هم اليبوسيون العرب سكان القدس عام 2500 ق•م وقام داود وسليمان عليهما السلام بترميمه بعد استيلائهما على المدينة، وفي عهد صلاح الدين الأيوبي تم إصلاح السور وحفر حوله خندقاً ، وقد استخدم في ذلك أسرى الفرنجة•أما السور الحالي فقد جدده السلطان العثماني سليمان واستغرق ذلك خمسة أعوام • الفتح الإسلامي وتطرق “غازي” في محاضرته إلى أول من سكن القدس ، وأنظمة الحكم التي تتابعت عليها حتى الفتح الإسلامي فقال : يذكر علماء الآثار أن أول من سكن القدس قبائل بدائية في العصر الحجري القديم ، ويذكر أنه عام 4000 ق•م اتخذت الهجرات إلى القدس صورة منتظمة أولها الأموريون وتعاقب على حكم القدس أمم شتى وملوك وأمراء مروراً بمملكة داود وسليمان•• وحكم الأشوريين والبابليين والفرس واليونان والعصر الروماني إلى أن جاء الفتح الإسلامي، ونظراً لمكانة القدس لدى المسلمين فإنهم لم يقصروا منذ اندفعوا خارج الجزيرة العربية بعد وفاة رسول الله > في محاولة فتح فلسطين وربط المسجد الأقصى بالمسجد الحرام• وفي سنة 15 هـ ( أي بعد وفاة الرسول > بأربع سنوات،) تمكن المسلمون من فتح كثير من بلاد الشام على إثر معركة اليرموك ، وقد اتجه لفتح بلاد فلسطين قائدان مسلمان هما عمرو بن العاص وأبو عبيدة بن الجراح الذي إليه يعزى إليه فضل إدخال بيت المقدس في الإسلام ، وكانت تسمى (إيلياء) وكان المسلمون قد اشتبكوا مع الروم في معركة حامية الوطيس في أجنادين وانتصروا فيها بعد قتال يشبه قتالهم في اليرموك •• وقد تقدم المسلمون لفتح”ايلياء” في فصل الشتاء وأقاموا على ذلك أربعة أشهر في قتال وصبر شديدين • وبعث القائد ” أبو عبيده ” لأهل المدينة الرسل مزودين بالإنذار التالي: ” بسم الله الرحمن الرحيم من أبي عبيدة بن الجراح إلى بطاركة أهل إيلياء وسكانها سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله وبالرسول ، أما بعد فإنا ندعوكم إلى شهادة أنه لاإله إلا الله محمد رسول الله وأن الساعة آتية لاريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، فإن شهدتم بذلك حرمت علينا دماؤكم وأموالكم وذراريكم وكنتم لنا إخوانا ، وإن أبيتم فأقروا لنا بأداء الجزية عن يدٍ وأنتم صاغرون ، وإن أنتم أبيتم سرت إليكم بقوم هم أشد حباً للموت منكم لشرب الخمر وأكل لحم الخنزير ، ثم لاأرجع عنكم إن شاء الله أبداً حتى أقتلُ مقاتليكم وأسبى ذراريكم”•• وانتهى الأمر بتسليم المدينة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب الذي رحب بحقن الدماء وسافر إلى بيت المقدس وحده ولم يكن معه سوى خادمه ، وبعد قدومه استقبله البطريريك والأساقفة والرهبان حاملين الصلبان •• وكتب لهم الخليفة وثيقة الأمان” بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان•• أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم سقيمها وبريئها وسائر ملتها أنه لاتسكن كنائسهم ولاتهدم ولاينتقص منها ولا من خيرها ، ولا من صلبها ولا من شئ من أموالهم ولا يكرهون علي دينهم ولا يضار أحد منهم ، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود ، وعلي أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما تعطي أهل المدائن وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص ، فمن خرج منهم فهو آمن ، وعليه مثل ما علي أهل ايلياء من الجزية •• إلخ كتب في عام 15 هـ • وشهد علي ذلك خالد بن الوليد وعبدالرحمن بن عوف وعمرو بن العاص ومعاويه بن أبي سفيان ••وبعد أن رتب عمر شئون المدينة غادرها متوجهاً إلى الحجاز• أحداث دموية وتابع “غازي” جولته في تاريخ المدينة قائلا: وتتوالي صفحات التاريخ في القدس ، فلا نكاد نجد فيها انقطاعاً لفعالية الروح الإسلامية المتسامحة العادلة التي تقوم علي حراستها دروس المسجد الإبراهيمي والحلقات العلمية الإسلامية في المسجد الأقصي ومسجد الصخرة ، ولا تنطوي صفحة إلا لتبدأ أخري تحت الحكم الإسلامي ، فتعاقب علي القدس الخلفاء ، وهي تحت سيطرة حكمهم ، فجاء بنو أميه وتلاهم بنو العباس وبنوطولون والاخشيديون والفاطميون • ولم يتعرض تاريخ القدس لأحداث دموية واضطهاد ديني منذ الفتح الإسلامي إلا في تلك الفترة التي استولي فيها الصليبيون علي بيت المقدس وهي فترة شغلت من التاريخ نحو تسعين عاماً ، إلي أن جاء صلاح الدين الأيوبي وحرر بيت المقدس وتعاقب علي حكم القدس المماليك والأتراك العثمانيون إلي أن جاء الاحتلال البريطاني وأعطي وعد بلفور اليهود ، بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين •• والغريب في هذا الوعد أنه أعطي بتاريخ ، تشرين الثاني عام 1917 وبقي طي الكتمان ، فلم يذع إلا بعد أن احتل الانجليز القدس في 9 كانون أول عام 1917 ووضعت الحرب أوزارها فلم يعد الانجليز في حاجة إلي رضا العرب سكان البلاد • وما كادت أنباء وعد بلفور والوطن القومي اليهودي تذاع في القدس وفي سائر فلسطين حتي راح الناس يعلنون سخطهم واستنكارهم وتزعزعت ثقتهم ببريطانيا ، فاندلعت الثورات ، ونجح الانجليز واليهود في ضرب الأحزاب الفلسطينية بعضها ببعض فانشغلت في خلافاتها الداخلية بينما راح الانجليز يدعمون سلطتهم واستعمارهم • ولم يتوان الشعب العربي الفلسطيني بجهد ولا تضحيات في سبيل إلغاء الانتداب ومقاومة الخطر الصهيوني طيلة العهد البريطاني (1917 – 1947) وتعددت سبل المقاومة العربية من إضراب إلي عمليات فدائية وثورة علنية • وقد ظلت القدس القديمة والأجزاء الشرقية الحديثة منها في يد الإدارة العربية الأردنية حتي عام 1967 •• أما القطاع الغربي للمدينة ، فقد سقط تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948• ومن الجدير بالذكر أنه أثناء حرب فلسطين عام 1948 اعتدي اليهود بالقنابل علي الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية وكان من نتائج نكسه العرب في يونيو 1967 احتلال إسرائيل للضفة الغربية لنهر الأردن بما فيها القدس العربية وقطاع غزة وشبة جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان ، وبعد ثلاثة أسابيع فقط من هذا الاحتلال أصدر الكنيست الإسرائيلي قراراً بضم القدس العربية وتوحيد شطريه وجعلها عاصمة لإسرائيل • المقدسات اليهودية وعن المزاعم اليهودية حول وجود مقدسات لهم في القدس أشار ” خالد غازي” : يؤكد المؤرخون أنه ليس لليهود في القدس أثر يهودي مقدس بارز إلا حائط المبكي ، وبضع كنائس حديثة العهد •• وبعض القبور علي سبيل المثال قبر زكريا وقبر يعقوب، والاعتقاد السائد أن حائط المبكي هو جزء من سور أو رشليم القديم ، هذا الحائط الذي يقدسه اليهود ويذرفون الدموع أمامه •• وهو عبارة عن حائط كبير ، مبني من حجارة ضخمة يبلغ طول بعضها 16 قدماً ، أما الحائط نفسه فطوله 156 قدماً وارتفاعه 56 قدماً • وقال: إن المعني السياسي في حنين اليهود للقدس منذ طردهم منها حتي الآن – وهو معني لا يوجد ما يقابله في حنين المسلمين إلي الحرمين الشريفين – هو أنهم يعتقدون أن وجودهم في الشتات كان بغضب من الله عليهم ، ولذلك فإنهم علي الرغم من تأقلمهم في ظروفهم الجديدة كانوا يترقبون زوال غضب الله عنهم ، وذلك بأن يكون لهم كيان في عاصمة سليمان ، ولهذا كانت التقاليد المعمارية تقضي علي اليهودي إذا بني بيتاً أو قصراً أن يترك فيه قطعة مكشوفة من الحجارة أو مهدمة تذكره بخراب الهيكل وتدعوه دائماً ألا يسكن في دار كاملة العمران حتي يتم عمران المدينة المقدسة ، لذلك امتزج الحنين الديني بهذه العقيدة السياسية والحربية ولكنهم حولوها إلي عقيدة غيبية لدرجة أن المتزمتين منهم كانوا يرفضون الصهيونية الحديثة عند ظهورها لما تتضمنه من تمرد علي غضب الله الذي به كتبت عليهم الذلة والمسكنة ولم تنحل هذه العقدة إلا عندما اقتنع بعض الحاخاميين بالصهيونية في أواخر التاسع عشر (من أمثال هيرش) فبدأ المتدينون المثقفون يقبلون الصهيونية بدون حرج • حتي أن أحد المفكرين يعلل مسألة حنين المثقفين اليهود سياسياً إلي فلسطين في العصور الوسطي بأنه كان وسطا بين الرضا بالعقاب الإلهي الذي أنبأهم به أنبياؤهم وانتظار العفو عنهم ، الذي لا يكون إلا بوجود حاكم لهم في الأراضي المقدسة ، فهي إذن صهيونية روحية قوامها التسليم بالإرادة الإلهية ، أي أنها بالمقارنة بصهيونية هرتزل كانت عاطفية لا تتخطي ذلك إلي عالم المال والأعمال وكذلك كانت سلبية لم تفكر في ترجمة هذه العاطفة الصهيونية إلي مشروع عملي واجب التنفيذ •• ولذلك فحنينهم للقدس كان ممهدا للصهيونية السياسية، فعندما قام هرتزل بتحويل الحركة الصهيونية من حركة فكرية إلي حركة سياسية بإرسال منهجها العام سنة 1896 م في كتابة الشهير “الدولة اليهودية” ، إنما حورها وسخرها للوصول إلي خدمة أغراضه السياسية وأهدافه القومية • وعن الأهمية الدينية للقدس عند المسيحيين أضاف: على مر عصور التاريخ لم يكن عدد المسيحيين بالقدس بالعدد القليل بل كان دائما يقدر بالالاف •• إلا أن المسيحيين في العصر الحديث خاصة القرنين الاخيرين منقسمون علي أنفسهم داخل القدس الي مذاهب وشيع وجماعات وطوائف •• وكل مذهب أو طائفة من هذه الطوائف لها معابدها الخاصة بها ومؤسساتها الدينية والاجتماعية ، ولها جميعها مجتمعة ماعدا ” البروتستانت كنيسة القيامة • وضمت القدس العديد من المعابد للمسيحيين من الروم الأرثوذكس والكاثوليك واللاتين الكاثوليك والأرمن والأقباط والأحباش والسريان والموارنة والروس والألمان والانجليز والأمريكان • المقدسات الإسلامية وانتقل “غازي بالحديث عن المقدسات الإسلامية قائلا: لقد اتخذ المسلمون بيت القدس قبلة قبل أن يولوا وجوهم شطر مكة في السنة الثانية من الهجرة وإليها كان الإسراء ومنها معراج الرسول>•• فكان المسلمون في صلواتهم يولون وجوههم نحو المسجد الأقصي بالقدس في أوائل عهد الرسول محمد > وظل ذلك نحو سبعة عشر شهراً إلي أن اتخذوا الكعبة قبلة •• ولهذا سميت “أولي القبلتين” وقد جاء في الحديث الشريف عن النبي > أنه قال “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا والمسجد الأقصي” والمقصود بقوله بمسجدي هذا “مسجد الرسول في المدينة • وروي أيضاً عن النبي أنه قال : “إن الصلاة في المسجد الأقصي أفضل من الصلاة في غيره بخمسمائة مرة” وقال أيضاً : “من أهل بالحج والعمرة من المسجد الأقصي إلي المسجد الحرام غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ووجبت له الجنة” ، ومن هنا كان يفد للمسجد الأقصي بالقدس حجاج وزوار من مختلف أقطار العالم الإسلامي •• ونظروا للقدس نظرة إجلال وتقدير •• وإلي يومنا هذا مازالت حافلة بالآثار الإسلامية القديمة • ونذكر منها : مسجد قبة الصخرة الذي بناه الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، وقبة السلسلة إلي الشرق من مسجد الصخرة ، والكأس وهو حوض واسع مدور مبني من الرخام يقع بين مسجدي قبة الصخرة والأقصي يستخدم في الوضوء ، الحرم الشريف الذي يضم كل الآثار الإسلامية (مسجد الصخرة والأقصي وباقيها من منشآت)•• ويضم القدس كذلك عدداً كبيراً من المساجد والزوايا والجوامع الصغيرة • حضارة المستوطنات •• وإرهاب التهويد وتناول “غازي” ممارسات التهويد التي لحقت بالمدينة فقال: اختصت مدينة القدس بأكبر قدر من التدابير والأعمال التي تكفل تحويلها إلي مدينة يهودية بوقت ليس بقصير ، وقد اتخذت سلطات الاحتلال البريطاني عدة خطوات تمهيداً للوفاء بوعدها لليهود •• هذه الخطوات تتمثل في، إعادة تخطيط المدينة ، دعم المؤسسات اليهودية في القدس ، الهجرة إلي المدينة وبناء المستوطنات • وأضاف أنه منذ احتلال الشطر الشرقي من مدينة القدس في حزيران / يونيو 1967 تبنت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبه •• العمالية منها والليكودية سياسة منهجية ثابتة إزاء القدس •• تمثلت في توطيد السيطرة اليهودية علي المدينة ومحيطها •• وتعزيز وحدتها المادية •• وكان الهدف الواضح لهذه السياسة •• منع إعادة تقسيم القدس •• الأمر الذي شكل ركنا راسخاً في “الإجماع الحكومي والجماهيري” اليهودي •• وقد تجسدت سياسة التهويد هذه في جملة القرارات والإجراءات التي اتخذتها القيادة السياسية في الخطط والمشاريع الاستيطانية المكثفة داخل القدس وحولها •• وفي الاستيلاء المنظم علي الأراضي والعقارات العربية فيها •• وقد بلغ التهويد مبلغاً خطيراً ، ليتعدي المدينة نفسها ، ليشمل منطقة واسعة حولها تعرف باسم “القدس الكبري” ومن أبرز وسائل عمليات التهويد، كما يذكر مؤلف الكتاب: أولاً : الإرهـاب وطرد السـكان ونسـف عـقاراتهم • ثانياً : فرض الأمر الواقع بضم القدس إدارياً إلي إسرائيل • ثالثاً : إجراء إحصاء عددي لسكان القدس بعد الاحتلال • رابعاً : نهب أملاك المقيمين والغائبين ومصادرتها • خامساً : عزل القدس عن القري والمدن العربية والسيطرة عليها اقتصادياً • سادساً : تهويد التعـليم العربي • سابعاً : تهويد الإنسـان العـربي • ثامناً : تهويد النظـام القـضائي الشرعي الإسلامي • تاسعاً : استحداث مدن وضواح إسرائيلية جديدة للقدس • عاشراً : قانون أملاك الغائبين الإسرائيلين التعويضي عن أملاك العرب المقيمين في القدس • حادي عشر : ابعاد المواطنين بعدة طرق: “النفي ، السجن ، الاعتقال ، العقوبات الجماعية” • ثاني عشر : مشروع إسـرائيل الـقدس الكـبري • ثالث عشر : الاعتداء علي المقـدسـات الإسلامية • رابع عشر : الاعتداء علي المقدسات المسيحية • واختتم “غازي” حديثه قائـلا : إذا كانت تلك المدينة بالنسبة لليهود قضية الهوية المفقودة ، فإنها بالنسبة للعرب الكيان المغتصب •• هذا ما أردت أن أقوله • وهم كبير وفي تعقيب من المستشار الفلسطيني عبد الرحيم جميل الحايك القائم بأعمال السفارة الفلسطينية باليمن نفى وجود أية مقدسات ، أو آثار يهودية بالقدس ، واصفا كل المزعم اليهودية في هذا الشأن بأنها وهم كبير•• وأكد على أن سلطات الإحتلال مارست أكبر جريمة في التاريخ بتزييف ، وطمس هوية مدينة عربية إسلامية هي القدس، وأكد أن مؤامرات التهويد مستمرة حتى الآن ، وأن الأنفاق مازالت تحفر تحت أركان المسجد الأقصى تحت إدعاءات ومزاعم بوجود هيكل سليمان بأسفله• وأضاف الحايك: ومنذ قيام إسرائيل بضم القدس، تعرضت جغرافيتها ، وبيئتها وأماكنها المقدسة، والتاريخية لتجاوزات بالغة الفظاعة ، وتغييرات قسيرية، وعبث ديموغرافي ، وهناك مشروعات إسرائيلية لتهويد المدينة تماماً ، منها مشروع إقامة هيكل يهودي •• وهذا الهيكل هو بناء لشكل هيكل ضخم لوضعه في مكان المسجد الأقصى المبارك، وقبة الصخرة المشرفة•• ووفقاً لخريطة إسرائيل المعدة في هذا الشكل توضح أن هذا الهيكل سيوضع فوق هذه المساحة التي تبلغ 143 ألف متر مربع ، وأنه سيوضع بعد أن يزال من فوقها المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة مع بقاء السور الخارجي• وأختتم الحايك قائلا: القدس حالياً تمر بأخطرمراحلها، وإن لم تتكاتف الجهود العربية والإسلامية فلن نجد القدس •• ولن نجد فلسطين ، فلابد من أن يقوى الحس العربي والإسلامي في هذه الفترة ، وأن يزداد الإحساس بالموقف والخطر ، وأن يعيش الجميع مأساتنا فنحن معذبون على أرضنا ، وهناك تكتم إعلامي على ما يحدث ضدنا•• ونتمنى من القمة العربية• المقبلة – في حال عقدها- أن تقدم خطوات فعلية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه •• وقبل فوات الآوان ، وعلى الجميع تقع مسئولية حماية مسرى رسول الله.