جاء ألفريد نوبل إلي الدنيا كئيبًا، ولاشيء مهم في حياته، كان أمله الوحيد ألا يدفن وهو على قيد الحياة، توفي عام 1896 بالتحديد يوم العاشر من ديسمبر.
ألفريد نوبل سويدي الجنسية، وهو مخترع الديناميت أو كما أطلق عليه البعض “صانع الموت”، والذي لا ندرى إذا كان باختراعه هذا قد أفاد البشرية أم زاد من مأساتها وبعد أن حقق من وراء ذلك ثروة طائلة وكنوع من التكفير عن الذنب، قرر نوبل أن يستثمر هذه الثروة بعد وفاته وتوهب على شكل جوائز مادية قيمة تمنح للمبدعين والمتميزين في عدد من المجالات؛ ومن ضمن هذه المجالات: السلام؛ وكان الكئيب السبب في فوز أديبات من مختلف أنحاء الكرة الارضية بأفضل جائزة في التاريخ “جائزة نوبل”.
ومن هنا نقف على عتابات الزمن لنحرك معا التاريخ ذاك التاريخ الحافل بما فيه من كوارث وحروب وانتصارات، نساء العالم وما أدراك ما نساء العالم، نحن منهن وهن منا لا يعتقد البعض أنني منحازة إليهن فقط بل إنني متعصبة أيضا لهن.
نساء أبدعن العالم من تلك القمة.. نساء صنعتهن العزلة والمرض فصرعتهن الشهرة والنجومية فأصبحن جديرات بها.
تجارب مريرة في التمييز العنصري، واستلاب وتهميش وإذلال علي مدي عصور، هي أسباب النجاح في كتابات النسوة الحاصلات علي جائزة نوبل، الحائزات على نوبل للادآب هم من القارتين الأمريكية والأوروبية وواحدة فقط من جنوب إفريقيا.
شعار الفريد نوبل
كانت أول جائزة لنوبل تمنح في عام 1909 لـ(سلمى لاجيرلوف) سويدية الجنسية؛ تعتبر سلمى اصغر من فاز بجائزة نوبل في السنوات العشر الأولى من منحها، انطلقت في كتابة الشعر، عندما أصيبت منذ كانت في التاسعة من عمرها بشلل في الساقين أقعدها عن أي حركة وأدى بها إلي العزلة والضعف، حازت سلمى على نوبل عندما كتبت رواية (ملحمة جوستا برلنج)، ويقال كتابتها انتزعتها من الجزع والبؤس والوحشة التي أصيبت بهم اثر عجزها روايتها تلك سبب شهرتها العريضة فأطلقوا عليها لقب (العمة) التي تروي (لهم) الحكايات وكان ذلك في عام 1891.
نمضي إلي ايطاليا والتي حازت منها على الجائزة الايطالية جرايستا داليدا عام 1926 وهي ثاني النساء اللاتي حصلن على الجائزة.. داليدا تعيش في جزيرة غريبة جزيرة (سردينا)، وبسبب الشعوذة والطقوس السحرية التي كان يؤمن بها أهل تلك الجزيرة عاشت اضطهاد الوحدة، وحققت داليدا نجاحاً بسبب زوجها الذي انتقل بها إلي روما وفتح أمامها باب النجاح والحرية؛ وأعتقد أن المثل هنا يقال بالطريقة العكسية وراء كل امرأة عظيمة رجل.
“نادين جورديمر” تنحدر نادين من أصول أوروبية، وهي التي قالت: إننا نعيش في زمن الجنون المنظم، حجبت عنها الجائزة لأسباب تكاد تكون سياسة لأنها كانت تدافع عن السود ولعل اكبر سلاح كانت تهاجم به جورديمر روايتها (عالم الغرباء)؛ فهي من خلال الرواية تنادي بالمساواة بين أجناس الأرض.
ومن بينهن أيضا الكاتبة الزنجية (توني موريسون)؛ مواليد 1931 ولاية أوهايو، التي اتهمت صديقتها بالجنون والهلوسة حين أخبرتها بنبأ فوزها بالجائزة، إذ لا يمكن برأيها أن يفوز أيّ زنجي بهذه الجائزة الكبري.
توني موريسون أبوها حداد وأمها مليئة بالفخامة المفرطة؛ حجزت عن الجائزة عام 1993 والتي أفصحت بأن فرحتها هذه لم تعشها مرتين.
ولنسرد بسرعة باقية المتحصلات على جائزة نوبل: النرويجية سيجريد انديست عانت منذ طفولتها من اليتم والفقر والعوز الشديد. كما كان الحظ لأمريكا للكسب هذه الجائزة عن طريق توني موريسون وبيرل بك التي أصابت بالقصور العقلي الأمر الذي بها إلي الطلاق والعزلة.
وأخيرا جاء في كتاب الكاتب المصري د. خالد غازي (نساء نوبل): “نساء نوبل، من الكتب التي نحتاجها لتسخين الذاكرة، فهو يحكي عن كوكبة من النساء دخلن التاريخ من أجمل باب، كان حضورهن في العالم خدمة حقيقية للقيم العظيمة وخدمة أصيلة للعدل والمساواة والسلام، ويبدو أن ديناميت ألفريد نوبل، ومنذ مائة وثلاثين سنة تمكن من تفجير المواهب الكبري وتركها في سباق شريف نحو القمة، ولا أدري لماذا لا يشعر أمثاله من القتلة بتأنيب الضمير حتي تزداد الجوائز العالمية؟ مع أن اسم (نوبل) لم تستطع أية قنبلة نسف ذكراه، وهذا ما سوف يستفيد منه عتاة الطغاة عبر التاريخ، لو كانوا يدركون.
أتذكر قول الطيّب صالح عن جائزة نوبل: (من يسعي إليها كمن يركض نحو سراب) والحقيقة بعد كل ما رأينا وقرأنا، فالجائزة ليست سراباً، بل هي نقطة ضوء يمكنها أن تسكت أنياب الظلام حتي إذا كان ذلك لمرة واحدة في كل عام.
حنان كشبة